حين رحلت الفنّانة الجزائرية حسينة لواج، المعروفة باسم زُليخة، في الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1993، كانت قد تركت قرابة مئة وعشرين أُغنيةً توزّعت بين مختلف الطبوع الغنائية التراثية الجزائرية، إلى جانب مشاركتها في بعض الأفلام السينمائية.
قبل سنةٍ من ذلك، ظهرت الفنّانة في برنامجٍ على التلفزيون الحكومي، وقد بدت عليها آثار مرض السرطان الذي لن يُمهلها لتعيش أكثر من سبعٍ وثلاثين سنةً. ويومها غنّت: "ربّي يا عالي الدرجات، يا عالم ليك السندة، سهّل لي يوم الممات، سلّم لي في ذِيك الرقدة، الله في مُلكُه مجيد، واحنا في الدنيا غُربى".
بدأت زليخة، التي وُلدت في مدينة خنشلة شرق الجزائر عام 1956، مسيرتها الفنّية وهي طفلة، مُستفيدةً من نشأتها في عائلة يُمارس بعض أفرادها الفنّ؛ إذ كان والدها مُحبّاً للمسرح وأخوها عازفاً؛ حيثُ كانت تؤدّي أغاني من التراث الموسيقي الشاوي في أعراس المنطقة. وكانت في الثانية عشرة من عمرها (سنة 1968) حين سجّلت أوّل أُسطوانة لها، تضمّنت أُغنيتَين في طابع "الآياي"؛ وهو نوعٌ من الغناء البدوي المنتشر في منطقتَي الأوراس والصحراء.
في مطلع التسعينيات، انتقلت "وردة خنشلة"، كما باتت تُلقَّب، إلى الجزائر العاصمة؛ حيث شاركت في برنامج اكتشاف المواهب البارز "ألحان وشباب" وأدّت أغنيتها الشهيرة "صُبّ الرشراش"، وهو ما فتح لها أبواب التعامُل مع أبرز كتّاب الكلمات وملحّني تلك الفترة لتُسجّل قرابة ثلاثين شريطاً غنائياً.
وفي السينما، قدّمت زليخة فيلمَين؛ هما: "السخاب" لمحمد حازورلي سنة 1972، و"زيتونة بولهيلات" لنذير محمد عزيزي سنة 1977.
هذه المسيرة الفنّية يستعيدها حفلُ تكريمي تُنظّمه "الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي"، عند السابعة من مساء اليوم الجمعة، في "دار الأوبرا بوعلام بسّايح"، بمشاركة فنّانات يؤدّين عدداً من أُغنياتها البارزة.
تتضمّن الأمسية عرضاً لفيلم وثائقي حول حياة الفنّانة الراحلة، يستعرض أبرز محطّات حياتها وتجربتها الفنّية، ومداخلةً لعمر بوعزيز يُقدّم فيها شهادةً عنها. وبمرافقة الجوقة التي يقودها الموسيقي كمال معطي، تُقدّم كلٌّ من نادية قرفي، وبريزة، وراضية منال، ودليلة آمال، ودنيا الجزائرية، مختاراتٍ من أُغنياتها، قبل أن يؤدّين، بشكل جماعي، أُغنيتها الأبرز "صُبّ الرشراش".