رومان إنريكيه.. اللاوعي بوصفه ابتكاراً أدبياً

08 أكتوبر 2021
خوان ميرو/ إسبانيا
+ الخط -

منذ ظهوره في القرن التاسع عشر ومفهوم اللاوعي يفرض نفسه مفهوماً أساسياً وحاضراً ليس في إطار التحليل النفسي فحسب، أو إطار العلوم الإنسانية بشكل عام فقط، بل في مختلف مجالات الاشتغال والتفكير البشري، حتى إنه بات واحداً من أكثر المفاهيم الفكرية شيوعاً واستخداماً لدى عامة الناس.

رغم الجدل الذي كان يُثار أحياناً حول "أبوّة" المفهوم، وحول أوّل ظهور له في نصّ منشور (يؤرّخ هذا، عادةً، في منتصف القرن الثامن عشر)، فإن هناك إجماعاً على أنه ــ في المعنى الذي نعرفه اليوم ــ لم يكن مفهوم اللاوعي شائعاً قبل المحلّل النفسي النمساوي سيغموند فرويد، الذي جعل منه الأرض والمركز الذي بنى عليهما نظريّته في التحليل النفسي.

على أنّ هذا الإجماع لدى مؤرّخي الأفكار والمهتمّين بالتحليل النفسي لا يغلق الباب على النقاش، حيث لا يمرّ وقت طويل إلا ويصدر عملٌ عن هذا المفهوم، ومن هذه الأعمال كتاب "ابتكار السرد التخييلي للّاوعي: 1850 ــ 1895"، للمدرّس والباحث في "جامعة السوربون" بباريس رومان إنريكيه، والصادر أخيراً عن منشورات "كلاسيك غارنييه" في العاصمة الفرنسية.

غلاف

وإن بدَتْ مقولة أنّ اللاوعي سابقٌ على فرويد شائعةً، فإن الجديد الذي يقدّمه المؤلّف يتمثّل في القول بأنّ مضمون المفهوم حاضرٌ في التجريب الأدبي الذي عرف في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولا سيّما عبر استخدام التداعي الحر، واستخدام كلمات وتعابير بمعانٍ جديدة تنزاح تماماً عن معانيها الشائعة، إضافة إلى زعزعة المكانة التي كانت تحتلّها الذات والشخصية.

يتألّف العمل من أحد عشر فصلاً تسبقها مقدّمة وتليها خاتمة، وإذ يعالج الكاتب ــ في مقدّمته ــ اللاوعي منذ ظهوره في الكتابات القديمة، ولا سيما في العصور الوسطى، فإنّه يخصّص عمله للبحث في نصوص سردية (روايات وقصص وحكايات) حديثة راح الكتّاب فيها يُعطون أهمّية أكثر لأعماق الشخصيات وأفكارها وتقلّباتها النفسية، ولا سيّما عند كتّاب مثل غوستاف فلوبير وألفرد دو موسّيه.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون