روسو ولوك: أبعد من الثنائيات السياسية

11 اغسطس 2022
تمثال لـ روسو في المتحف الذي يحمل اسمه بمدينة مونمورونسي الفرنسية (Getty)
+ الخط -

في تاريخ الأفكار الفلسفية، كثيراً ما تُختصر العلاقة بين جان جاك روسو (1712 ــ 1778) وجون لوك (1632 ــ 1704) بانتقاد الأوّل للفكر السياسي عند الثاني، حيث تُشرَح لطُلّاب الفلسفة، في سنواتهم الجامعية الأولى، الفروقات بين فلسفة لوك السياسية القائمة على المنفعة والمصلحة الاقتصادية، وبين فلسفة روسو القائمة على عقد اجتماعي.

على أن البحث المتأنّي في "استقبال" روسو لفلسفة لوك يقود إلى تجاوز هذه المقاربة الاختزالية، وهو ما يسعى إلى فعله الكتابُ الجماعي "روسو ولوك: حوارات نقدية"، الصادر حديثاً بالفرنسية لدى "منشورات جامعة ليفربول" في المملكة المتّحدة، بتحرير كلّ من سيلين سبيكتور وجوانا ليني كورنويز.

يبدأ الكتاب تفكيكه للتصوّر النمطي عن العلاقة بين الفيلسوفين من خلال الكشف عن سعة هذه العلاقة، حيث تشمل فصولُه أبحاثاً تتجاوز المقارنة بين فلسفتهما السياسية إلى النظر في أسئلة تشاركا في طرحها حول الجسد، والهوية، والعائلة، والنظرة إلى الطِبّ، والتعليم، والأخلاق، والميتافيزيقا وغيرها. 

غلاف

كما يسعى الباحثون المشاركون إلى نقض الثنائيات والتضادّات التي تحكم النظرة التقليدية إلى المفكّرَيْن، كالمقابلة بين ليبرالية لوك وميل روسو إلى النظام الجمهوري، أو تنميطهما في مدارس مثل "المادّية" و"المثنوية" وغيرها، وهو ما يفتح الباب، في نهاية المطاف، على قراءات أكثر دقّة تسمح بالوقوف على "إرث" لوك لدى روسو، بتنوّعه واختلافه بين موضوع وآخر.

هكذا، سنكتشف توافُق الفيلسوفين في العديد من المسائل، مثل إسناد ثبات الهوية الشخصية إلى الذاكرة، أو الشكّ في قُدرات الطبّ، وضرورة الحفاظ على فكرة العقاب في أي بناء اجتماعي؛ توافقٌ يقلُّ حضورُه في الفصل الرابع والأخير من الكتاب، والذي يتناول نظرتهما إلى المؤسّسات السياسية، والحرّية، والمواطَنة، وعلاقة الشعب بالسلطة.

المساهمون