رحيل فينا غارسيا مارّوز: لحظة نادرة في الشعر الكوبي

01 يوليو 2022
فينا غارسيا مارّوز (1923 ــ 2022)
+ الخط -

في عام 2010، نشرت الشاعرة الكوبية فينا غارسيا مارّوز ما سيكون آخر مجموعة شعرية لها (نشرت بعدها، في الحقيقة، أنطولوجيا من نصوص لم يسبق لها أن نشرتها، لكنّها لم تكن تشكّل "مجموعة" بالمعنى الشائع للتعبير)، بعنوان "اللحظة النادرة" (منشورات "بري تيكستوس"، فالنسيا)، وفي إحدى قصائد هذه المجموعة نقرأ: "أحبّكَ، أيّها الأمس، حبّاً لا يلوّثه الحنين/ حُبّاً، لا لغُبار حياتي/ بل فقط لأنّك، أنتَ وحدك، أيها الماضي/ ستُدخلني إلى الضوء المجهول".

رحلت الشاعرة الكوبية يوم الإثنين الماضي، 27 حزيران/ يونيو، في مدينة هافانا التي وُلدت فيها وقضت فيها الأعوام الـ99 التي عاشتها (1923 ــ 2022)، والتي أتاحت لها أن تكون شاهدة على هامش واسع من التاريخ الحديث لبلدها، ومن أدبه.

وبعكس ما تنبّأت به مارّوز في الأبيات المقتبسة أعلاه، فإن ماضيها، ومسيرتها الكِتابية، لم يقوداها بالضرورة إلى ضوء مجهول، بل وضعتها تحت الأضواء التي عادةً ما تُسلّط على الكُتّاب الكِبار، حيث نُظر إليها، في العقدين الأخيرين، كإحدى أبرز الشعراء الكوبيّين الأحياء. 

بل إنّ الاعتراف بموهبتها جاء مبكّراً، بعد سنوات من دخولها عالم الكتابة في الأربعينيات، على يد أسماء بارزة، مثل المفكّرة والكاتبة الإسبانية ماريا زامبرانو، التي أشادت، في مقال نشرته عام 1948، بشعر مارّوز التي تكتب الكينونة من دون أن "تكسر صمتها أو ثبوتها العميق".

نشرت الشاعرة الراحلة أكثر من عشرة دواوين تركت أثراً، بحسب العديد من النقّاد، في أجيال من شعراء بلادها والبلدان الناطقة بالإسبانية، ومن بينها "النظرات الضائعة" (1951)، و"زيارات" (1970)، و"ألحان قديمة" (1993).

كما وضعت العديد من الأعمال النقدية، ولا سيّما حول الشعر الكوبي، حيث درست شعر مواطنتها خوانا بورّيرو (1877 ــ 1896) في أكثر من كتاب، وكذلك فعلت مع أشعار مُواطِنها، الشاعر البارز خوسيه مارتي. وقد جمعت منشورات "هوسو" الإسبانية، في 2018، مجموعةً من مقالاتها ونصوصها النظرية في كتاب بعنوان "نظام التكريم".

عُرفت فينا غارسيا مارّوز بانتمائها إلى مجموعة "أوريخينيس"، أو "أصول"، التي أثّرت عميقاً في المشهد الأدبي الكوبي والجنوب أميركي في منتصف القرن الماضي، حيث نشر في المجلّة التي حرّرها أعضاء المجموعة عددٌ من أبرز كتّاب القارّة الأميركية، كما قُدّمت فيها أسماءٌ من الأدب العالمي، ولا سيّما الأوروبي، لم تكن معروفةً تماماً قبل ذلك الوقت، مثل إيمي سيزير وبول فاليري وغيرهما.

حازت مارّوز العديد من الجوائز خلال مسيرتها، ولا سيّما خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تُوجّت بـ"الجائزة الوطنية" في كوبا عام 1990، وبـ"جائزة بابلو نيرودا للشعر الإيبرو أميركي" عام 2007، وبـ"جائزة الملكة صوفيا للشعر الإيبرو أميركي" في 2011.

المساهمون