رحيل عماد شيحة.. في تعويض سنواتٍ سرقها الاستبداد

30 سبتمبر 2022
عماد شيحة (1954 ــ 2022)
+ الخط -

يومان فقط فصلا بين إعلان "دار الساقي"، الثلاثاء الماضي، عن صدور ترجمة عماد شيحة لكتاب "فلسفة الفوضى" للمفكّر السلوفيني سلافوي جيجيك، وبين رحيل شِيحة، المترجم والكاتب والمناضل السياسي السوري، أمس الخميس، في باريس، عن ثمانية وستّين عاماً (1954 ــ 2022).

ويمكن لهذا التقارب في التاريخين أن يعطي صورةً عن حياة شيحة، الذي قضى نحو ثلاثين عاماً في سجون النظام السوري، حيث دخلها مطلع عشرينياته (1975) ولم يخرج منها إلّا خمسينياً، ومع خروجه منها عام 2004، انكبّ على العمل السياسيّ والثقافي، في ما يشبه سباقاً مع الزمن ومحاولة لتعويض السنوات التي سرقها منه النظام الاستبدادي في بلده.

اعتُقل الراحل بسبب مواقفه السياسية وانتمائه إلى "المنظّمة الشيوعية العربية"، التي كان توجُّهها اليساري الثوري، ومواقفها المناهضة للصهيونية والسياسات الأميركية، سبباً في قيام النظام بإعدام العديد من مؤسّسيها وبالحُكم على عددٍ آخر من أعضائها بالسجن المؤبّد والأعمال الشاقّة، وهو الحُكم الذي صدر بحقّ شيحة، قبل أن يستعيد حرّيته عام 2004 رفقةَ أكثر من 40 معتقلاً سياسياً.

وبعد أشهر فقط من خروجه من السجن، أصدر الراحل روايةً أولى بعنوان "موت مُشتهى" (2005)، والتي حملت إلى حدّ بعيد ملامح سيرة ذاتية، ولا سيّما تجربة المؤلّف في السجون السورية، وهي ملامح ستحضر أيضاً في روايتيه اللاحقتين: "غبار الطلع" (2006) و"بقايا من زمن بابل" (2007).

بعد هذه السلسلة من الروايات، بدا شيحة وكأنه قال ما عنده، سردياً، حول تجربة السجن، ليلتفت بعد ذلك بشكل شبه حصريّ للترجمة التي سيترك فيها أثره الأبرز، حيث نقل إلى العربية العديد من الأعمال في الفكر الفلسفي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومن بينها "تاريخ الشكّ" لـ جينيفر مايكل هيكت، و"منطق الكتابة وتنظيم المجتمع" لـ جاك غودي، و"الاقتصاد كما أشرحه لابنتي" لـ يانيس فاروفاكيس، و"العالم للبيع: مافيات تحكم الأرض وتنهب مواردها" لكلّ من خافيير بلاس وجاك فاركي، و"أين يكمن الخطأ: صدام الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط" لـ برنارد لويس، وغيرها.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون