رحيل صَفوح شغّالة: بين التغنّي بحلب و"الوفاء" للنظام

17 ديسمبر 2022
صفوح شغّالة
+ الخط -

خلال الأعوام القليلة الماضية، تلقّى كاتب الأغاني السوريّ، صفوح شغّالة، العديد من التكريمات الرسمية في بلده، وليس أقلّها استقبال رأس النظام السوري، بشّار الأسد، له وتكريمه على "وطنيّته" التي تمثّلت، خلال العقد الأخير، في كتابته العديد من الأغاني المنافحة عن "سورية الأسد"، والمتحسّرة على الوضع الكارثي الذي وصلت إليه مدينته، حلب، وبلده بشكل عام، دون تخلّيه، في كلماته، عن الفخر بـ"صمود" البلد.

لم يلتقط "الشاعر الغنائي" ذلك الرابط ــ على وضوحه ــ بين دمار بلده ودور الأسد ونظامه وداعميه، وظلّ من الشخصيات التي تدور في فلك النظام حتى رحيله المبكّر، عن 66 عاماً، يوم الثلاثاء الماضي.

لا يختلف شغّالة (1956 ــ 2022) في موقفه (أو لا موقفه) هذا عن أغلب المشتغلين في حقل الأغنية السورية، من كتّاب وملحّنين ومغنّين، والمنتمين، بشكل عام، إلى شريحة اجتماعية تجتمع فيها الاستفادة من بنى النظام ومؤسّساته، مع غياب للفكر النقدي والتحليلي، وربّما حتى للثقافة في معناها الأكثر بساطةً.

إضافته الحقيقية كانت محلّية، في إطار الأغنية الحلبية

 

ولعلّ هذه الفترة، نهاية التسعينيات وبداية العقد الأوّل من الألفية الثانية، كانت الأبرز في تجربة شغّالة خارج بلده، حيث وصلت إلى الجمهور الكبير أعمال عدّة من كتابته، مثل "ما أندم عليك" لنوال الزغبي (1998)، أو "أمّانيه" لديانا حدّاد (1997)، وهما من ألحان اللبناني جورج مارديروسيان.

بعد هذا الظهور العربي، الذي دام سنوات شهدت تعاوناً مع العديد من مشاهير الأغنية الشعبية (نجوى كرم، فلّة الجزائرية، وائل كفوري، عاصي الحلاني... إلخ)، سيخفت حضور شغّالة، بل يمكن القول إن موهبته نفسها خفتت وقالت كلّ ما عندها، وكأنّه كان كاتب أغانٍ لزمانٍ مضى. وليست محاولاته، في السنوات الأخيرة، كتابة الأغاني التي تبحث عن الهضامة وخفّة الدم، أو تلك التي تدافع عن النظام السوري، إلّا دليلاً على هذا النضوب.

ومهما يكن، فإن إضافة صفوح شغّالة الحقيقة تبقى ضمن إطار الأغنية الحلبية، وكان ممّن زوّدوا ملحّنيها ومغنّيها بالكلمات طيلة ثلاثة عقود من الزمن، وأعطوها صورةً ولغةً محلّيتين وأكثر التصاقاً بالمدينة وثقافتها الشعبية ممّا فعل الجيل الأوّل من المغنّين والملحّنين الحلبيين؛ ومن أعماله هذه، مثلاً، "طول البُنَيّة"، "انسَ غرامك"، "ليش أنا حبّك جنون" التي غنّاها شادي جميل، أو "آهين يا حلب" و"ما عاتبك" بصوت نهاد نجّار.

نجاحٌ محلّي كان أكثر ديمومةً من صعوده وهبوطه السريع عربياً، وهو ما يدين به ربما إلى سوسيولوجيا الغناء والموسيقى الخاصّة بمدينة حلب، والتي يديمها عدد واسع من المغنّين والملحّنين، غير المشهورين بالضرورة، إلى جانب جمهور من "السمّيعة".

المساهمون