خلال العامين الماضيين، تأمّل العديد من الفنانين، من ثقافات مختلفة، مفهوم التواصل ضمن تباعُد اجتماعي فرضته جائحة كورونا، والذي يعيد تحديد علاقتنا مع كلّ ما يحيط بنا وطريقة تفاعلنا معه، في مفارقة مع تحوّلات العالم الذي كان يتحرّك خلال العقود الماضية نحو إزالة الحدود.
في هذا السياق، تقدّم الفنانة والكاتبة المصرية رانيا خلاف مقاربتها، في معرضها "شبه منفصل" الذي افتُتح مساء السبت الماضي في "غاليري سماح للفن" بالقاهرة، ويتواصل حتى الثالث والعشرين من تمّوز/ يوليو المقبل.
يتضمّن المعرض حوالي أربعين لوحة تتنوّع وسائطها بين الرسم بالأكريليك والكولاج على القماش والألوان المائية والميديا المختلطة على الورق، يشكّل الخط عنصراً أساسياً في تكوين اللوحات التي تنزع نحو الغرائبية في رسم الشخصيات التي تمارس سخريتها من الواقع.
خلاف القادمة من حقل الكتاب، حيث أصدرت أكثر من مجموعة شعرية ورواية، ذهبت نحو الفنّ من بوّابة الكاريكاتير الذي بدأته منذ مطلع التسعينيات مع عملها في الصحافة، حيث تأثّرت بتجارب رسّامين مثل محمد عبد المنعم رخا وحسن حاكم ومحمد عفّت.
وتركّز في أعمالها المعروضة على إبراز تعبيرات الشخصيات وانفعالاتها الداخلية، مع اهتمام باللون بما يتناسب مع بنية اللوحة، ضمن تكوينات تظهر الوجوه البشرية والحيوانات بملامح عجائبية حيث تطير الأجساد أو تتعرّض تفاصيلها للتشويه والتلاعب بأحجامها.
شاركت خلاف في العديد من الورشات الفنية، وقدّمت أعمالها في عدد من المعارض الجماعية خلال السنوات الماضية، قبل أن تقيم معرضاً مشتركاً مع الفنانة هبة أمين في العام الماضي تحت عنوان "نحن هنا"، تناولت خلاله قضايا تمسّ المرأة العربية اليوم.
في تقديمه للمعرض يقول الناقد صلاح بيصار: "تناقش الفنّانة في معرضها قضية التواصل والانفصال، التباعد والاقتراب بين البشر بعضهم بعضاً، وبينهم وبين الحيوانات الأليفة والأمكنة، ومشاعر الوحدة والانعزال عن العالم. تثير الفنانة تساؤلاً عن المعرفة المرتبطة بالتواصل... هل يمكننا ادّعاء تمام المعرفة إذا حظينا بتواصل صادق مع الآخر؟ وماذا عن الأمكنة التي ابتعدنا عنها منذ زمن ولكنها لا تزال لصيقة بنا؟ هل ننفصل بالفعل عما تواصلنا معه يوماً؟".