في مثل هذا اليوم من عام 1846، جرى في تونس إقرار قانون يلغي الرق والعبودية، بأمر من أحمد باي الأوّل، عاهل البلاد وقتها. هذه الخطوة اعتُبرت من قبل كثير من المؤرخين سابقة لعصره، حيث تشير إلى النزعة الإصلاحية التي كانت سائدة في تلك الفترة، مقارنة بما سيحدث لاحقاً، ما سيؤدّي إلى الوقوع تحت الاستعمار الفرنسي بدءًا من عام 1881.
كاحتفاء بذكرى إلغاء الرق والعبودية في تونس، جرى اليوم إطلاق طابع بريدي، وهو ما يشير إلى الموقع الذي يأخذه هذا الحدث في التمثّل الجمعي، وإن أتى ذلك في الغالب ضمن الخطاب الشعاراتي الرسمي الذي يلتقط من التاريخ محطات تدعم "الشعور الوطني"، والتي تصحبها في العادة مقولات من قبيل أسبقية المبادرة التونسية إلى إلغاء الرق على العديد من البلدان الأوروبية.
يُذكر أن "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (يونسكو) قد قامت في 2018 بتسجيل التجربة التونسية ضمن لائحة "ذاكرة العالم" كأوّل بلد عربي قام بإلغاء الرّق وتجارة العبيد.
أهم ما في قانون 1846 أنه أتى بمبادرة تونسية داخلية، فلم يأت ضمن إملاءات "الباب العالي"، أو ضمن ضغوطات البلدان الأوروبية، على عكس خطوات إصلاحية أخرى مثل "عهد الأمان" الذي يعتبر أوّل نص دستوري عربي، وكان في أحد أبعاده حماية لمصالح الجاليات الأجنبية، واعتُبر لاحقاً خطوة نحو تقليص السيادة الوطنية ما سهّل الطريق لتسارع الخطوات نحو الاستعمار.
أتى قانون 1846 ضمن رؤية كانت تستلهم فكر الأنوار الأوروبي، جاعلةً منه مخرجاً لأزمات البلاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وكانت النخب الإصلاحية وقتها تؤكّد على أن تحديث الجيش أو المؤسسات الرسمية لا يمكن أن يتمّ من دون مناخ اجتماعي تسود فيه قيم العدالة والمساواة، وهو ما دفع الباي للمبادرة إلى هذا القانون، وبموجبه جرى منع تجارة الرقيق (مع بلدن جنوب الصحراء)، وتحرير المستعبدين الذين يشتغلون في بيوت الأعيان.