مع بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزّة، برز بشكلٍ واضح أنَّ تاريخ قمع وإلغاء عبارات الدعم للقضية الفلسطينية في ألمانيا له جذور عميقة، سواء من الناحية التاريخية أو السياسية أو حتى الثقافية. وقد تجلى ذلك بشكل واضح عبر سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الألمانية، حيث منعت شرطتها، على سبيل المثال، التجمعات والمسيرات التي دعت إليها جمعيات فلسطينية وألمانية في مدن مختلفة للمطالبة بوقف آلة القتل الإسرائيلية وإنهاء الحصار، ناهيك عن حالات الرقابة الثقافية كما حدث مع الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، تمثيلاً لا حصراً.
وأمام هذه السياسة، خرجت تظاهرات في العديد من المدن الألمانية تدين السلطات الرسمية التي تقمع حرية التضامن مع الحق الفلسطيني عبر الاعتقالات والمضايقات ومنع النشر وإظهار أيّة رموز تعكس هذا التضامن. كما نُظمت العديد من المبادرات التي شجبت مثل هذه السياسات، وكان من أبرزها مبادرة "ما زلنا بحاجة لأن نتحدّث".
"دعونا نتحدّث" عنوان اللقاء الذي ينظّمه فضاء "أويون" المستقل في برلين، وذلك في العشرين من الشهر الجاري، حيث يلتقي فيه مجموعة من الفنانين والعاملين في القطاع الثقافي لنقد مشاكل الرقابة والتهديدات والإلغاء التي يعاني منها القطاع الثقافي في مدينة برلين.
وستتركّز المداخلات على الثقافة الرقابية والعنصرية للدولة الألمانية في ما يتعلّق بحرية التعبير، وقبل كل شيء، على التزام الثقافة بالدفاع عن حقوق الإنسان، وكمثال على ذلك، سيركّز المشاركون على سياسة الدولة الألمانية القمعية لكل ما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها "إسرائيل" منذ ثلاثة أشهر.
يُذكر أنَّ فضاء "أويون" المستقل كان قد نظّم منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزّة العديد من فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني، وأهمّها فعالية "حداد حداد"؛ الأمر الذي كلّفه حجب المساعدات الثقافية عنه، لا سيّما تلك التي يقدّمها "مجلس الشيوخ الثقافي" في العاصمة الألمانية.