خليل رعد.. أرشيف الصورة الناجية

08 سبتمبر 2022
("استوديو رعد" بـ"شارع يافا" في القدس مطلع القرن العشرين)
+ الخط -

انتهجت العصابات الصهيونية، عند احتلالها لفلسطين عام 1948، وسائل شتّى من النهب والسرقة، لم تكتف فيها باستهداف الإنسان والأرض فحسب، بل توجّهت إلى الذاكرة أيضاً، ومن ذلك عمليات سرقة ومصادرة صُور الفلسطينيّين والممتلكات الفنية والكتب. سرقةٌ توزّعت غاياتُها ما بين النظر إلى تلك المنهوبات بوصفها "غنيمة حرب"، وتدمير إمكانية قيام أرشيف فلسطيني وطني في المستقبل.

من بين المجموعات الفوتوغرافية الرائدة التي نُهِب جزءٌ منها، في حين تمكّن صاحبهُا من الحفاظ على الجزء الآخر، مجموعةٌ المُصوِّر خليل رعد (1854 - 1957) الذي تعدّ تجربتُه تأسيسيّة في سياق التوثيق الفلسطيني، خاصّة في فترة نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، كما يُنبّه إلى ذلك الفنّان والمؤرّخ الفلسطيني الراحل كمال بُلّاطه في كتابه "استحضار المكان" (2000).

"فلسطين.. حياة بعيون المصوّر خليل رعد: معرض تكريمي" عنوان معرض فوتوغرافي يُفتتح في "قاعة المعارض" في مبنى "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" ببيروت اليوم الخميس ويستمرّ حتّى نهاية الشهر الجاري، وذلك ضمن فعاليات الدورة الثانية من "مهرجان بيروت للصورة".

صوره شاهدة على أهمّ المحطات في تاريخ فلسطين حتى النكبة

يتضمّن المعرض صوراً تاريخية من أرشيف خليل رعد، وهو الجزء الذي نجا - بطبيعة الحال - بعد أن تمكّن من تهريب "أشرطة نيغاتف" كان يمتلكها، وتوثّق الصور الحياة اليومية ومشاهد طبيعية، إلى جانب صورٍ من المدن والقُرى الفلسطينية ما قبل النكبة، في محاولة من المنظِّمين لنقل صورة عن تلك الفترة التي تعرضت للطمس من قبل المشروع الصهيوني.

وُلد رعد لعائلة فلسطينية في بلدة بحمدون بجبل لبنان عام 1854، في فترة حرجة من تاريخ الحقبة العُثمانية في العالم العربي، ثمّ انتقل إلى القدس التي نشأ فيها والتقط أوّليات احتراف التصوير، متتلمذاً على يدِ المُصوّر الأرمني غرابيد كريكوريان الذي افتتح أوّل استوديو للتصوير في القدس عام 1885.

سيسافر "عميد المصوِّرين الفوتوغرافيين الفلسطينيين" إلى بازل السويسرية ليحترف التصوير أكاديمياً، قبل أن يعود في تسعينيات القرن التاسع عشر إلى القدس ويؤسّس هناك "استديو رعد"؛ الذي راح ينافس فيه الأرمن بوصفهم أحد المكونات الاجتماعية التي أسّست استديوهات تصوير في أرجاء شتّى من المنطقة العربية. وكذلك منافسته المستشرقين ممّن امتهنوا التصوير وأخذوا يتقاطرون على فلسطين في فترة التنافس الاستعماري، مروراً بالحرب العالمية الأولى، المرحلة التي أصبح فيها رعد مقرّباً من الدوائر السياسية العثمانية، ما سهّل حركته بين المدن والتقاطه المشاهد الاجتماعية، كما أنه كان شاهداً فوتوغرافياً على فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1917.

الجدير بالذكر أنّ المعرض ينتظم إلى جوار ستّة معارض أُخرى تشهدها تظاهرة "مهرجان بيروت للصورة"، وتحتضنها فضاءات مختلفة في بيروت، وهي معارض تتركّز غالبيتها على موضوعة الذاكرة في لبنان وفلسطين بين الماضي والحاضر.

المساهمون