لم يأتِ حلمي التوني إلى عالم التصوير الزيتي واللوحات من باب الدراسة الأكاديمية؛ صحيحٌ أنه ذهب إلى كلّية الفنون الجميلة، لكنّه تعلّم هناك تخصُّص الديكور المسرحي، ثم استكمل دراسة الزخرفة والديكور، قبل أن يعمل في تصميم شخصيات لمسرح العرائس.
وتحضر هذه الخلفية الزخرفية بشكل واضح في تجربة الفنان المصري (1934)، بوصفها واحداً من حجرَيْ أساس، إلى جانب استلهامه من التراث الشعبي في بلده وفي الموروث العربي، وهو ما أعطى مختلف إنتاجاته ــ من أغلفة الكتب والمجلّات والملصقات إلى الفن التشكيلي ــ ملمحها الخاص، وفتح لها الباب لتُخاطب مختلف الشرائح العمرية.
تحت عنوان "عالَم الصغار"، يقدّم التوني مجموعة من اللوحات التي يتوجّه بها إلى الأطفال ويصوّر من خلالها تفاصيل من حياتهم؛ لوحات يستضيفها، حتى مساء غد الخميس، "غاليري موشن" بالقاهرة، حيث افتُتح المعرض في الثالث من هذا الشهر.
يقول التوني في تقديمه لمعرضه إن للأطفال حقّاً آخر إلى جانب حقّهم في الغذاء والتعليم والدواء والأمان واللعب: إنه "حقّ الطفل في الاستمتاع بالفن"، حيث يشير الفنان المصري إلى أهمّية احتكاك اليافعين بالأعمال الفنية، لما لذلك من تأثير إيجابي على تكوينهم اللاحق وعلى انفتاح مخيّلاتهم وآفاقهم.
وكما في مختلف اشتغالات التوني، نجد أنفسنا أمام لوحات تشخيصية، تشغلها الوجوه والأجساد البشرية، ضمن تكوينات بسيطة وزخرفية تبقى وفية لرسوماته لمجلّات الصغار، حيث الأشكال الطفولية تُشبه الدمى أو تكاد، وحيث الخلفيات مشغولة بتفاصيل زخرفية وموتيفات تتكرّر فيها أشجار النخيل أو ندفات الثلج أو البقع الملوّنة.
وينوّع التوني، في كلّ لوحة، على غرض جديد يرافق الشخصَ/بطلَ اللوحة ويعيد تشكيل موضوعها؛ حيث ننتقل من اليافعة التي تحمل الزهور إلى تلك التي يقف ديكٌ على رأسها، أو هذه التي تحمل حوض ماء على رأسها وذاك الطفل بزيّ المهرّج، الذي يعزف على آلة الأكورديون. تنويعاتٌ قد تبدو بسيطةً في مرماها وتكوينها، لكنها تحيلنا إلى اهتمام الفنان المصري في مخاطبة الأطفال تحت أكثر من لغة لونية وأكثر من موضوع، ولاستجلاب اهتمامهم من خلال مختلف الأغراض التي يرسمها في لوحاته.