خلال النصف الأول من القرن العشرين، كان استعمال تقنيات الصورة الفوتوغرافية أداةً مهمّة لتوثيق الحياة اليومية في شمال المغرب، حيث جرى تكوين مجموعة فوتوغرافية تاريخية مهمّة أُنجزت من طرف مصوّرين فوتوغرافيّين من أصول إسبانية وصلوا إلى المغرب كمراسلين لتوثيق الحرب بين سنتي 1913 و1939.
أنشأ العديد من هؤلاء المصوّرين استوديوهاتهم الخاصّة وأنتجوا صوراً كثيرة، حيث قاموا بتصوير السكّان المقيمين في المنطقة، وأظهروا مجتمع اللحظة، في إطار ما يمكن أن نسمّيه "التصوير الفوتوغرافي العائلي".
غير أن ذلك الرصيد الفوتوغرافي الذي تكوّن آنذاك، سواء على شكل نيغاتيف أو صور ورقية أو منشورة في مجلّات - بقيَّ مُشتّتاً بين مختلف الأرشيفات الإسبانية والمغربية، إلى أن تمّ جمعه وتوثيقه ورقمنته من قبل "ريمار"؛ وهو مشروع يهدف إلى حفظ الذاكرة المغربية الأندلسية من خلال الصور التاريخية.
حتى الثلاثين من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، تستضيف "مؤسّسة الثقافات الثلاث" في مقرّها بإشبيلية، بالتعاون مع "المركز الأندلسي للتصوير الفوتوغرافي" المعرض الفوتوغرافي "حدود سائلة"، الذي يضمّ مجموعة مختارة من 128 صورة فوتوغرافية من مجموعة الصور التاريخية المودعة في "المكتبة العامة" و"أرشيف تطوان" بالمغرب، والتي تمثّل انعكاساً للحياة الاجتماعية والسياسية للبلاد بين سنتي 1860 و1956.
ينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام كبيرة تتناول موضوعات السياسة والإدارة، والهندسة المعمارية والتخطيط الحضري، والمجتمع والعادات، وتنهض بشكل أساسي على صور المصورين الذين انتقلوا إلى المغرب كمراسلين صحافيين بين سنتي 1913 و1939، حيث وثّقوا الحياة في تلك البلاد من مختلف جوانبها الاجتماعية والتاريخية والثقافية والسياسية.
يُظهر القسم الأول من المعرض الآثار العميقة التي تركها الاستعمار على البلاد، أمّا الثاني فتُظهر صوره التطوّر العمراني الذي شهدته المدن المغربية وأساليب العمارة الحديثة التي دخلت إلى مدينة تطوان، في حين يُبرز القسم الثالث العادات الثقافية لسكّان المدن المغربية.