"ها أنا أجمع قواي لأكتب إليكِ كي أسألكِ عن الحياة ــ حبّة العنب الملوّنة هذه، كما تسمّينها ــ، وعن المصير، والحب، والنساء، والصداقة، وعن الحرب أيضاً، الحرب التي لطالما فكّرتِ بها وكتبتِ عنها".
بهذه الكلمات تُنهي الكاتبة الفرنسية جينفييف بريساك (1951) الرسالة الأولى من سلسلة الرسائل التي توجّهها إلى صديقة متخّيلة ــ هي الكاتبة البريطانية فرجينيا وولف ــ في كتابٍ جديد صدر لها حديثاً عن منشورات "نيل" في باريس بعنوان "إلى صديقة الأزمنة الصعبة".
وكما هو الحال في هذا النوع من أدب الرسائل المتخيّل، الذي يتوجّه مؤلّفوه إلى أشخاص غير موجودين أو راحلين كي يُشاركوا معهم هموم واقعهم، فإن المؤلّفة اختارت فرجينيا وولف (1882 ــ 1941) لأنها "مدينةٌ إليها"، ولأن الوقت قد حان، بحسبها، "كي نطلب تدخّلك لتساعدينا على فهم الفوضى الكبيرة التي بتنا غارقين فيها".
وإضافة إلى الحروب، التي تقصّ المؤلّفة تفاصيلها على صديقتها، فإن "الفوضى" التي تبحث عن حلّ لها عند وولف تشمل أيضاً الأزمات المناخية والصحّية والاقتصادية التي نعيشها، كما تشمل أوضاع النساء وحقوقهنّ والعنف الأُسريّ، وهي بذلك لا تختار شخصاً غريباً على هذا الموضوع لتراسله، إذ كانت وولف من أبرز الكاتبات المدافعات عن النساء وحقوقهنّ، في عالم الأدب وخارجه.
ولا تبني جينفييف بريساك حواراً من طرف واحد مع فرجينيا وولف، حيث تسمح للأخيرة بالتحدّث والردّ عليها عبر اقتباس مقتطفات من أعمالها، وعبر التذكير بتفاصيل وأحداث وردت في رواياتها وقصصها ومقالاتها أو في سيرتها الذاتية، كما أنها تسعى، في كتابها، إلى إخراج صاحبة "السيدة دالاوي" من صورة الكاتبة الباردة والكئيبة التي لُصقت بها لعقود، مقترحةً صورةً مشرقة عنها تتّصف بالحيوية والطرافة والصخب.