ينطلق الفنان الهندي جيتيش قلات في تجربته من اعتبار الفن نشاطاً راديكالياً تخريبياً ليس دوره أن يجسّد الأشياء في أشكال واقعية أو مجردة، بل أن يتناول مفهوماً بكامل أبعاده وسياقاته التاريخية والثقافية، وهو يجد في الأرشيف السياسي لبلاده في العصر مادة خصبة لإعادة تمثيلها.
وفي استنكاره مذبحة جودهرا التي وقعت في ولاية غوجارات بالهند عام 2002 على خلفية دينية، عاد إلى خطاب رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو في 14 آب/ أغسطس 1947، الذي تحدّث خلاله عن صحوة الهند للتحرر بعد قرون من الاستعمار، حيث قام بتصوير نص الخطاب باستخدام مادة لاصقة مطاطية على خمس مرايا أكريليك وأحرقها لينتج انعكاسات مشوهة، في إشارة إلى حرق الكلمات والمبادئ والانجرار إلى عنف ديني.
"تغطية الحرف" عنوان معرض قلات الذي افتتح في "غاليري جون هانسارد" بـ"جامعة ساوثهامبتون" البريطانية بداية حزيران/ يونيو الماضي ويتواصل حتى العاشر من الشهر المقبل، ويستند إلى رسالة وجهها المهاتما غاندي إلى أدولف هتلر قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب العالمية الثانية.
يقوم الفنان بإسقاط فيديو على ستارة ضباب أُنشئت بواسطة آلة ضباب مثبتة في السقف. وهي تعرض رسالة غاندي التي كتبها في 23 تموز/ يوليو 1939، ليوحي بأن الرسالة التي انطلقت من روح مبدأ الصداقة العالمية، ذهبت أدراج الرياح، وفيها يستهلّ غاندي حديثه بالتحية: "صديقي العزيز"، ويكمل نداءه في الدفاع عن قيم السلام، والذي لا يزال راهناً إلى اليوم مع تصاعد أعمال العنف حول العالم.
يعيد الفنان النظر في العديد من الوثائق التي صاغت تاريخ الهند في محطات تاريخية مهمة، وعبّرت عن نوايا واتجاهات العديد من الزعماء، الذين ينتمون إلى طوائف وأديان مختلفة، في التسامح وتقبّل الآخر ورفض خطاب الكراهية والحضّ على الصدام والخلاف.
يقام المعرض بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين لتقسيم الهند والباكستان على يد الاستعمار البريطاني، الذي أدّى إلى قتال بين الهندوس والمسلمين في مناطق عدّة، وذهب ضحيته ملايين القتلى والمشرّدين، حيث يسعى قلات إلى تصحيح التاريخ من خلال استحضار أفعال وكلمات شخصيات مثل غاندي ونهرو والراهب الهندوسي سوامي فيفيكاناندا، في سلسلة أسماها "الإشعار العام".