ثقافة الخليج العربي 2021: مواجهة التطبيع والجائحة

04 يناير 2022
مدائن صالح في الحجاز والتي بناها الأنباط في القرن الأول قبل الميلاد (إريك لافورجيو/ Getty
+ الخط -

لم يكد العام الماضي ينهي أيامه الأخيرة، حتى انطلقت دعوات "شباب قطر ضدّ التطبيع" و"الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني"، و"حركة المقاطعة في الكويت"، و"ائتلاف الخليج ضد التطبيع" إلى الأطبّاء والنقابات والمِهَن الطبّية العربية من أجل مقاطعة المؤتمر الطبّي الذي تحتضنه دبي الأسبوع المقبل بمشاركة وفد إسرائيلي.

سباق مع الزمن تخوضه مبادرات شعبية خليجية سعياً إلى إعاقة مسار التطبيع المتسارع نحو "إسرائيل"، والذي تقوده أبوظبي والمنامة تحديداً. وبدا لافتاً اختيار "صحيفة القبس" الكويتية الشعب الفلسطيني ليكون شخصية العام 2021، مشيرةً في افتتاحيتها إلى أنه ضرب أمثلة كثيرة في الدفاع عن أرضه وحقّه التاريخي في دولته، وسط احتفاء الصحيفة بصواريخ المقاومة التي تحقّق ما سمته "توازن الرّعب".

يتمسّك الشباب الخليجي ببعض الأمل في واقع يزداد قتامة، فربما لم ينجحوا في إيقاف فعالية واحدة رغم كثافة حملات المقاطعة مثلما حدث عند انعقاد أوّل معرض يضمّ ثلاثة فنانين إسرائليين في "غاليري أوبلونغ" بدبي في مارس/ آذار الماضي، إلّا أن التأكيد على رفض التطبيع يعدّ خطوة ضرورية في ظلّ تعرّض الناشطين في هذا المجال إلى التضييق والملاحقة الأمنية.

تصدّر المشهد الخليجي رفض هابرماس استلام "جائزة زايد للكتاب"

من جهة أخرى، تصدّر المشهد الثقافي خلال السنة الفائتة إعلان عالم الاجتماع الألماني يورغن هابرماس رفضه تسلّم "جائزة الشيخ زايد للكتاب" بسبب سياسات القمع التي يمارسها النظام الحاكم في الإمارات، حيث تنعدم فيها الحياة الديمقراطية؛ موقف حظيَ بإشادة دولية وعربية وأثار نقاشاً واسعاً حول الأشكال الممكنة لعلاقة المثقّف بالسلطة.

مقاطعة الفعاليات الثقافية والجوائز الإماراتية كان مَطلباً لعدد من المثقّفين العرب، لكنّ لأسباب تتعلّق بالاعتراض على توقيع ما سُمي "الاتّفاقيات الإبراهيمية" نهاية 2020، ومنها "جائزة البوكر للرواية العربية". إلّا أن ذلك لم يحل دون تهافت الكثير عليها، حيث ضمّت القائمة الطويلة للجائزة في دورتها الأخيرة أسماء كتّاب من تونس، والجزائر، والسعودية، والسودان، والعراق، والكويت، ولبنان، ومصر، والمغرب واليمن، والأردن.

عدوٌ آخر واجهه الخليج، تمثّل بفيروس كورونا، وألقى بظلاله على الواقع الثّقافي مع إلغاء وتأجيل العديد من النشاطات، وإغلاق العديد من المؤسّسات في النصف الأوّل من العام الماضي. وما إن تحسّنت الأوضاع في النصف الثاني حتى اختلف الحال إثر انتشار سلالة جديدة من الفيروس تدعى "أوميكرون"، ما دفع الكويت إلى إغلاق منافذها الحدودية منذ أيام، وفرض إجراءات مشدّدة في بقية البلدان.

لا يمكن إغفال أن الهيئات الثقافية الخليجية كانت الأقدر عربياً في توجّهها نحو العالَم الافتراضي، لما تمتلكه من تقنيات وإمكانيات متطوّرة في هذا المضمار، وربما من أبرزها انعقاد "مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة" بداية الشهر الماضي بمشاركة باحثين ومفكّرين من مختلف أنحاء العالم.

لم تكن الفلسفة هي الوحيدة التي تطرق أبواب السعودية، حيث احتضنت مدينة جدّة الدورة التأسيسية لـ"مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي" خلال الشهر الماضي أيضاً، في بلد ظلّ مغلَقاً طيلة عقود، وقد يكون من أبرز هذه المستجدات فتح المواقع الأثرية أمام السياحة، ومنها مدائن صالح وقرية الأخدود وقلعة تبوك وقرية رجال ألمع والتي تحتوي ملايين النقوش التي تمثّل الحضارات العربية قبل الإسلام، كانت محجوبة من قبل.

المساهمون