تكتبُ أخيراً

14 يوليو 2022
مجد كردية/ سورية
+ الخط -

"تَنقُصُني الكراهيةُ لأُحَب
المسافةُ لأَظهر
الصَّمتُ لأُقرأ
تنقصني خوذةُ محاربٍ وسيفُه
وبعضُ الدِّماء
لأروي وردتي
وأكسب خصمي في الحب"

تكتبُ في مَفرشٍ ليس لك
في بلد يلفُظُك كحرف أجنبيٍّ
قرب أصدقاء الصُّور القديمة
لذواتٍ بائدة
حين كانت الأجنحةُ ألطفَ من المخالب المغروسة في ظهرك
الأفعالُ أشبه بالخِفَّة
الخطواتُ أقرب للطيران.

"تنقصني الصَّلافةُ لأحظى بالشَّكل
ثقةُ البصيرة لأتجاوز البصر
مخالب أدق لأخرج من النَّفق
تنقصُني زاويةٌ حادَّة على الأقل،
لأحظى ببداية ونهاية
وأنتهي من هُراء الدوائر وألغازها"

تُضيف إلى مقطعك السابق
ببالك المغموس بألوان السُّخرية والهَزَل،
ذاتك التي تتفتَّت كقميصٍ مُهترئ
يُفرك في مُستنقع أسيديّ
على فخذٍ شيطانيٍّ الشَّهوة
بأصابعك التي تُصارع الأفكار وتُنقِّحُها،
واللاجدوى التي تتلوّى بإغراء على طرف الشاشة.

"ينقصني جنونٌ أو عَظَمَة لأتمِّم ثِقتي
أن أتخلّى عن الخياليّ لأحظى بواقعٍ ما
أن أكُفَّ عن مغازلة الأبد المُبهم
كي لا أثير حنق الدقائق الواضحة
ينقصني الانفعالُ لأنتصر على العقل
الجرأةُ لأحرِّر البداهَة"

تكتبها بتلقائيّة
ثُمَّ تُفكِّر بمحوها
فالأمور ليست أكيدة كما تَظُنُّ
المنطقُ ليس شارعاً واحداً باتِّجاهٍ وحيد
المدينةُ طافحة بالشّوارع الأساسيَّة منها والفرعيَّة

ألا تعرف جنون المنطق؟
تتساءلُ

"الحريَّة أن تقطع شوارعك الخاصَّة عَرْضاً
لتصل إلى ما تحب
أن تتعرَّى
وسيكارة اللامبالاة في فمك
وتبول عند كل إشارة
أن تحفر بالحيوانيّ فيك شوارع جديدة
أن تَجد مُبرِّراً لفعلٍ ما
ثم تقفز في هاويته
كوطواط مُحترِف"

تكتب
وتهدأ.

"لأنَّ الأشياء لا تدري بنا
المعاني عمياء في بحر العبث
ومهما أطلت التحديق الراجي بها
سيبقى الإيحاء أقصى ما نعرف
لن تَبُثَّ فيها النَّظر
لن تستجديها إلى مهزلة النُّطق أو الإقرار
وإذ نُسمِّيها
- كي نُصدِّقها ونَمتطيها -
تسقط الأسماء عنها من فرط الهزل"

تنظر أمامك
دون أن ترى
ثمَّ تستأنف:

"عليكَ أن تحملها في عينيك
وترى بها الآخرين
كي ينجوا
وعليكَ أن تبحث عمَّن يراك
كي تنجو بدورك"

تكتب بيأس وخفّة سكاكين حادّة
تحرّرك من كل الخيوط
فتطير.

"تنقصُني وقاحة النُّكران والكذب"

تكتبُ أخيراً
بأمانة واطمئنان.


*شاعر من سورية

 

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون