بلد الشيخ قرب حيفا.. ذكرى مجازر صهيونية

31 ديسمبر 2023
ضريح الشيخ عزّ الدين القسام في بلد الشيخ
+ الخط -

تحلّ اليوم الأحد، الذكرى السادسة والسبعون لمجزرة بلد الشيخ جنوب شرق مدينة حيفا المحتلّة، التي ارتكبها لواء كرملي وعصابة "البلماخ" الصهونية، بدخولهما البلدة يوم الأربعاء الموافق للحادي والثلاثين من كانون الأوّل/ ديسمبر 1947، وذهب ضحيتها نحو ستين شهيداً، غالبيتهم من النساء والأطفال، حيث وُجدت جثامين كثير منهم داخل منازلهم.

البلدة، التي بلغ عدد سكانها آنذاك نحو 4120 نسمة، دخلها ما بين مئة وخمسين ومئتي إرهابي مسلّح أطلقوا قنابلهم اليدوية بعد منتصف الليل، ثم بدأ إطلاق النيران من رشّاشاتهم، واستمرّ الهجوم حوالي ساعتين أثناء نوم أهل البلدة، قبل أن ينسحب الإرهابيون من المكان.

أتت المجزرة بعد أيام من الأحداث التي وقعت في شركة مصفاة بترول بحيفا (الريفينري) حين ألقى أعضاء من عصابة "الأرغون" القنابل على العُمّال العرب في الشركة، فقُتل عامل من بلدة اللجون وجُرِح العشرات، وكردّ فعل، وقع اشتباك بين العُمّال العرب واليهود، أُصيب فيه العشرات، وعلى أثر ذلك، أُغلقت الشركة من قبل الإدارة.

ذهب ضحية المجزرة نحو ستين شهيداً غالبيتهم من النساء والأطفال

وكان قسم كبير من العمّال العرب في المصفاة يقطنون قريتي بلد الشيخ وحوّاسة، على طريق حيفا الناصرة، والمجاورتين لمستعمرة "نيشر" الصهيونية شرقيهما. لذلك خطّط الصهاينة للانتقام لقتلاهم في المصفاة بمهاجمة القريتين، وقد قام سكّان حوّاسة، تخوّفاً من وقوع اعتداء عليهم، بترحيل بعض عائلاتها وتوفير الحراسة، واشتبك الحرّاس العرب مع العصبات الصهيونية، ما أدّى إلى مقتل ثلاثة من عناصرها.

بعد هذه الحوادث، استمرّت التوترات في شركات البترول بحيفا، ووفق ما نُشر في الصحافة، فقد حاول الطرف الصهيوني استغلال ذلك لعزل العمّال العرب وإدخال قوى عاملة يهودية، وتكليف العصابات الصهيونية بعملية الحراسة، بينما حاولت النقابات العربية التصدّي لذلك.

لم تكن تلك المجزرة الأُولى التي تتعرّض لها بلد الشيخ، إذ وقعت أُولى المجازر في حزيران/ يونيو 1939، حين صدرت الأوامر للعصابات الصهيونية بالتسلّل إلى القرية ردّاً على مقتل سائق يهودي - بحسب زعمها - وكان الهدف من العملية اغتيال أحد القادة الفلسطينيّين في المنطقة، لكنهم اختطفوا خمسة فلّاحين وقتلوهم ثمّ غادروا القرية.

وبوقوع حيفا تحت احتلال العصابات اليهودية في 22 نيسان/ أبريل 1948، أُجلي عدد من نساء القرية وأطفالها إلى أماكن آمنة، تحسّباً لهجوم قد يُشن. وكانت خطّة "دالت" التي استقرّ عليها الصهاينة تقضي بأن يحتل لواء كرملي بلد الشيخ، وكان ذلك عند فجر 24 نيسان/ أبريل، عندما حاصرت وحدات من عصابات "الهاغاناه" القرية وطلبت من السكّان تسليم أسلحتهم، وفعلوا ذلك حيث سلّموا 22 بندقية قديمة وطلبوا هدنة، غير أن "الهاغاناه" رفضت ذلك الطلب وهدّدت بالهجوم إذا لم يُسلّم باقي الأسلحة.

وعند الساعة الخامسة صباحاً، فتحت "الهاغاناه" النار من مدافع الهاون والمدافع الرشّاشة، رغم أنه لم يصدر عن القرية أيّ رد تقريباً على إطلاق النار، بحسب كتاب "كي لا ننسى" للمؤرّخ الفلسطيني وليد الخالدي.

يُذكر أن القرية سُميّت تيمناً بالشيخ الصوفي عبد اللّه السهلي، الذي منحه السلطان سليم الأوّل جبايات القرية في الأيام الأولى من الحكم العثماني في فلسطين، كما دُفن في القرية الشيخ عزّ الدين القسام.

المساهمون