بديع العابد.. في تأصيل الفكر المعماري العربي الإسلامي

12 أكتوبر 2022
(جامع ابن طولون في القاهرة، عام 1912)
+ الخط -

قدّم الباحث والمعماري الأردني بديع العابد في عدد من دراساته منظوراً مختلفاً لدراسة تاريخ العمارة العربية الإسلامية وتنظيراتها الغزيرة بالرجوع إلى المدونة التراثية التي تحتوي على عشرات المؤلّفات المهمة في هذا السياق، بينما يندر وجود تنظيرات مماثلة في حضارات أخرى مثل الرومانية والفارسية.

في كتابه "العمارة العربية الإسلامية.. الفكر المعماري العربي الإسلامي" الذي صدر حديثاً عن "سلسلة فكر ومعرفة" في وزارة الثقافة الأردنية، يضيء جوانب جديدة حول السياق المفاهيمي الذي تطور في علوم العمران في التاريخ الإسلامي.

تستند أطروحة العابد إلى اعتبار الحضارتين اليونانية والفارسية وسيطاً بين حضارات بلاد الرافدين وسورية والمصرية القديمة من ناحية، والحضارة العربية الإسلامية من ناحية ثانية، ولم تقدّما إبداعاً وابتكاراً أصيلاً كما يروج لهما، موضحاً أن حضارات مصر والعراق شكّلت ما يسمّيها "مرحلة العروبة غير الصريحة" رغم عدم إمكانية تحديد بداية للفكر المعماري في هذه الحضارات، لأنها وصلت إلينا آثاراً وليس إرثاً بسبب الاحتلال المتعاقب لليونان والفرس والرومان.

الصورة
غلاف الكتاب

كما يبحث مرحلة العروبة الصريحة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، والتي دونها ووثقها الشعر الجاهلي وارتقى بها القرآن الكريم من بداية واعية، ومن مشروع فكري تحت التأسيس إلى مشروع فكري قيد التأسيس، وترك أمر تفصيلها وتأطيرها نظرياً للفقهاء والمفكرين العرب والمسلمين الذين شكلوا عناصر الفكر المعماري وارتقوا به إلى مرحلة تكوينه كظاهرة علمية ومنظومة فكرية تحكم ممارسة العمارة.

يناقش الكتاب أساليب تفسير العمارة، وحضورها الاجتماعي والثقافي والفكري، وتشابكها المعرفي مع ظواهر ومباحث الثقافة العربية الإسلامية. كما بين أصالة العمارة العربية الإسلامية، وحضور الظاهرة المعمارية في الظواهر والمنظومات المعرفية الأخرى، وفي الوجدان الجمعي الشعبي، وبين دورها في تشكيل بعض الظواهر الحضارية والمنظومات المعرفية في الحضارة العربية الإسلامية، وتاريخ العمارة، والآثار.

ويرى العابد أن جملة المفاهيم الثقافية شكلت وكونت مجتمعة، الفكر المعماري العربي الإسلامي. وبينت أصالة العمارة العربية الإسلامية، وفندت دعاوى ومنهجيات الاستشراق في تفسير العمارة العربية الإسلامية القائمة على المنهج الوصفي والتحليل الشكلي، وتكريس تبعيتها للعمارتين البيزنطية والفارسية.

ويتطرق أيضاً إلى واقع العمارة الإسلامية وفكرها المعماري، أثناء تراجع الحضارة الإسلامية وصولاً إلى اللحظة المعاصرة، مقدماً جملة مقترحات من أجل استعادة حضورها وتوظيف فكرها في المناهج الدراسية بكليات العمارة، وفي الممارسات العملية، لافتاً إلى تغييب الجامعات العربية الفكر المعماري العربي الإسلامي واستبداله بالفكر المعماري الغربي.

المساهمون