"بحثاً عن البحر": شرق المتوسّط والفن التشكيلي
تَكثّف حضور البحر الأبيض المتوسّط في أعمال فنّانين من مختلف أنحاء العالم، مرتبطاً بشكل أساسي بحركة اللجوء القادمة من بلدان تشهد صراعات أهلية، ما يضطرهم لركوب قوارب الموت بحثاً عن فرصة للنجاة من واقعهم، الصورة التي رسخت في الأذهان خلال العقدين الأخيرين.
ورجوعاً إلى الوراء، فإن المتوسّط مثّل نقطة التقاء وصراع منذ نشوء الحضارات القديمة على ضفّتيه، الرافدينية والفارسية واليونانية والقرطاجية والرومانية وغيرها، وتشكّلت أساطير وملاحم عدّة يتّخذ البحر مكان الوقائع والشخصيات التي تتحدّث عنها.
في "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" بعمّان، يُفتتح عند السادسة والنصف من مساء الأربعاء المقبل معرض "بحثاً عن البحر" للباحث والقيّم عبد الله البياري، ضمن برنامج مشاريع القيّمين الفنّية من منصّة "مصنع" في المتحف.
يتتبّع المعرض أثر البحر في أعمال فنّية من منطقة شرق المتوسّط
يشير البياري إلى أنّ فكرة المعرض بدأت منذ موت أحد أصدقائه، أيمن صفية، في بحر حيفا عام 2020، حيث انطلق تفكيره في علاقته مع البحر، وعندما شرع في البحث في تاريخه الشخصي باعتباره من مدينة يافا الساحلية، تنبّه إلى أنّ كل القصص حول البحر مرتبطة أكثر باليابسة، وبعد الحفر أكثر وأكثر وصل إلى أنّ البحر في الثقافة الفلسطينية يرتبط بالاستعمار وحركات الهجرة اليهودية، ويرتبط أيضاً بالتهجير.
ويوضّح أنّ ذلك لا يخصّ فلسطين وحدها، إنّما منطقة شرق المتوسّط، في لبنان وسورية ومصر. وتبلورت الفكرة لمعرفة كيف رأت شعوب هذه المنطقة البحر في الفنّ التشكيلي، وحضوره كمادة بصرية، وانبثقت فكرة المعرض، وهو جزء من مشروع بحثي فنّي حول تمثّلات البحر والتاريخ الاجتماعي والسياسي للبحر وعلاقته بالفنون البصرية.
يلفت بيان المنظّمين إلى أن "هذا المشروع البحثي والمعرض الناتج عنه، يتتبّع أثر البحر الأبيض المتوسّط في مجموعة منتقاة من الأعمال الفنّية من منطقة شرق المتوسّط (مصر وفلسطين وسورية ولبنان)، من المجموعة الدائمة لـ"المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة"، ويدعو للتأّمل في المعنى المختلف للبحر الأبيض المتوسّط في النص والذاكرة البصرية لسكان ساحله الشرقي".
ويضيف: "لا يقف هذا التأمّل أمام المعاني والدلالات المباشرة للبحر في الأعمال الفنّية من حيث التكوينات والعناصر فحسب، إنما كذلك يبحث عن سياسات التناص في تقنيات الرسم والتصوير والطباعة والحفر والنحت والفضاء التشكيلي في الأعمال الفنّية المنتقاة، كما يطرح تاريخاً اجتماعياً بصرياً لهذا 'البحر العظيم'، بهدف انتزاع حقّنا فيه".
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
