"الدراسات الفلسطينية" 136: مبدأ تحرير البلاد فكرةً مركزية

رغم مرور ثلاثين عاماً على اتفاقية أوسلو ومسارها الذي لم يُفضِ إلّا إلى إلحاق الأذى بالقضية الفلسطينية. شأنُه شأن التطبيع الذي تعتمده، اليوم، نهجاً بعض الأنظمة العربية، إلا أنه لا تُمكن قراءة المشهد الفسلطيني، دون الوقوف على حال المقاومة فيه. وفي هكذا ظرف تُصبح العودة إلى مبدأ "تحرير فلسطين" هو الخيار الممكن والواجب. وضمن هذه الرؤية صدر عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، العدد مئة وستة وثلاثون من مجلّة "الدراسات الفلسطينية" (خريف، 2023).

قدّم للعدد الروائي الياس خوري، وتناول المتغيّرات التحريرية والتطويرية التي تشهدها المجلّة، وخصوصاً نشر كتابات الأَسرى والمساهمات التي تتناول حالة المقاومة المستمرّة في فلسطين، إذ إن "الفكرة المركزية التي انطلقنا منها في إعادة رسم صورة المجلّة في أذهاننا وفي ممارستنا هي أن نقدم صورة جديدة للثقافة الفلسطينية والعربية". ولفت، أيضاً، إلى أنه "آن الأوان كي ننطلق من تحليل الأزمة إلى تقديم بدائل لها. والبديل الذي لم نخترعه نحن، وإنما اخترعه الشعب الفلسطيني في نضاله اليومي، هو المقاومة".

وجاءت الافتتاحية تحت عنوان "في إعادة الاعتبار إلى تحرير فلسطين"، ووقّعها السجين الفلسطيني إبراهيم مرعي، وتناول فيها تسوية "أوسلو" التي لم تُنتج سوى "سلطة بلا سلطة واحتلال بلا تكلفة"، وبالتالي يتوجّب على الفلسطينيين العودة إلى الإجماع على المبدأ الأساسي الذي جرى التخلّي عنه بالتدريج منذ سنة 1974، أي "تحرير فلسطين"، ثم بناء الدولة، وليس العكس. 

ويرى مرعي أنّ هذا لا يُمكن من دون إجراء مُراجعات شاملة على مستوى الحركة الوطنية الفلسطينية، وخصوصاً بعد الفشل الذريع الذي مُني به مشروع "التسوية"، وعدم منح المشروع الصهيوني أي وقت إضافي، بل مواجهته الفورية والشاملة على طريق هزيمته. ويُذكر أن هذه الافتتاحية هي الثالثة التي يكتبها الأسرى الفلسطينيون، فقد سبقتها افتتاحيتان للقائدين مروان البرغوثي وأحمد سعدات.

الصورة

وتضمّن باب "مداخل" أربع مساهمات، هي: "التطبيع وتكريس الاستبداد العربي" لزياد ماجد الذي يُفنّد تبريرات التطبيع في كونه "لا يُفضي إلى أيّ تبديل في أولويات الأنظمة"، و"لا يُطلق ديناميات سياسية داخلية تحسّن من أحوال الحرّيات أو تقلّص أدوار الأجهزة الأمنية والعسكرية". و"الزعبَرة السياسية: من 'فرضية' الحوار إلى 'كمين' عين الحلوة!" لمروان عبد العال، متناولاً آخر التطورات في مخيم عين الحلوة في صيدا اللبنانية. و"عن الاستعمار الاستيطاني ودولة ثنائية القومية" لهمّت الزعبي ومحمد جبالي، و"إنتاج المكان كممارسة عنصرية" لعبد الله البياري ويحلّل مسألة التخطيط الحضري "الإسرائيلي" الذي يعمل بمنطق عنصري وتمييزي على إعادة إنتاج المكان والسيطرة على الجسد الفلسطيني.

وفي باب "الحوارية"، أجرى الياس خوري وعبد الرحيم الشيخ لقاءً مع عضو المجلس الثوري في حركة "فتح" والأكاديمي جمال حويل، تطرح فيه المجلة مجموعة من الأسئلة بشأن واقع حركة "فتح" والحركة الوطنية الفلسطينية وإعادة الاعتبار إلى خيار الكفاح المسلّح في دفاع الشعب الفلسطيني عن نفسه على طريق العودة والتحرير. 

وتتناول الحوارية مأساة اللجوء الفلسطيني والتاريخ الاجتماعي لمخيم جنين، وتأسيس مجموعات "الفهد الأسود" في إبّان انتفاضة الحجارة في سنة 1987، وتجربة الشهادة والأَسر والدراسة الجامعية، وحركة الشبيبة الطلابية الفتحاوية، والعمل في مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتأسيس كتائب شهداء الأقصى، ومعارك مخيم جنين 2002 - 2023.
 
وتكتب نادرة شلهوب كيفوركيان، في باب "دراسات"، عن "القدس والإهالة الصهيونية: تتبُّع تحوّلات الاستلاب اللامتناهي"؛ كما يكتب الأسير الفلسطيني باسم خندقجي عن "الإبادة الفردية في فلسطين المستعمَرة".

ويتناول تقرير "فلسطين في 3 أشهر" تطوّرات حزيران/ يونيو، وتموز/ يوليو، وآب/ أغسطس، والتي سُجّل فيها عدوان إسرائيلي وحشي على مخيم جنين، يقابله تنامي النشاط الفلسطيني المُقاوم.

وفي العدد أربع "شهادات" كتبها: بسام الكعبي عن "زكريا محمد: قسوة المنفى وخيبة العودة!"، والأسير الفلسطيني عبد الرازق فرّاج عن "أبو عكر يواجه الاعتقال الإداري بإرادة الأمل وبالتفاؤل"، وحسام أبو النصر عن "محمد أبو النصر: بندقية الفدائي وقلم الكاتب"، وأيهم السهلي عن "'رجل يشبهني': الراوي والرواية والموقف".

كما تنشر "مجلة الدراسات الفلسطينية" في هذا العدد وثيقة خاصة لـ سميرة عزام عنوانها "تأمّلات في كتابة القصة"، قدّم لها صقر أبو فخر الذي زوّد المجلة بهذه الوثيقة. أما باب "فسحة" فتضمّن مساهمتين: شعرية كتبها فرج بيرقدار بعنوان: "فسحة شعرية في سجن تدمر"، ونقدية كتبتها ناهد جعفر عن "الطرائف المورسكية في المدوّنة التفتيشية".

وفي باب "قراءات"، تُراجع تغريد عبد العال كتاب صقر أبو فخر "تحولات النخبة الفلسطينية: مراجعات في التاريخ والهوية"؛ ويقرأ جهاد الرنتيسي في كتاب "اليهود في الإمبراطورية العثمانية: صفحات من التاريخ"، للكاتبة الروسية إيرما لفوفنا فادييفا.
 

آداب وفنون

التحديثات الحية

"مؤسَّسة الدراسات الفلسطينية": حصاد ستّين عاماً