الحسين شكراني: اللعبة المائية من منظور بيئي

تُمثّل المياه واحدةً من الأزمات التي تعيشها المنطقة العربية ولا تنفكُّ تتفاقم مع استمرار تراجُع نصيب الفرد العربي من المياه الصالحة للشرب، بحسب أرقام التقارير العالمية التي تُصنّف البلدان العربية ضمن قائمة البلدان الأفقر مائياً في العالم. وتكتملُ هذه الصورة سوداويةً مع سوء الإدارة وغياب الإستراتيجيات وندرة الدراسات في هذا المجال.

في كتابه "نحو مقاربة بيئية للمياه العربية"، الذي صدرت طبعته الثانية حديثاً عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، يُضيء الباحث والأكاديمي المغربي الحسين شكراني على أبرز المقاربات البيئية القادرة على تحليل نظام التنازع في شأن المياه المضادّ للمصالح القومية، مقدّماً ما يعتبره بدائل موضوعية لكسب رهانات التوتّرات المائية في المنطقة.

يجمع العمل، الذي يتوزّع بين ثلاثة عشر فصلاً، إضافةً إلى المقدّمة والخاتمة، بين الجانبين النظري الذي يُخصّصه للنظرية البيئية في العلاقات الدولية، والتطبيقي الذي يبحث فيه عن مقارنة عربية في المسألة المائية.

صدر الكتاب لأوّل مرّة في 2012. وفي طبعته الثانية، يُحدّث شكراني معطياته وتحليلاته بناءً على المستجدّات التي شهدتها المسألة المائية في المنطقة العربية خلال السنوات الماضية.

يربط الكتاب، بين وجود نظرية بيئية في العلاقات الدولية ومجموعةٍ من المفاهيم الأساسية المترابطة؛ مثل التنمية المستدامة، والمسؤولية المشتركة، لكن المتباينة، والمفاضلة بين المكاسب والخسائر، وتعزيز آليات الدبلوماسية الخضراء في المفاوضات الكونية والإقليمية.

يذهب شكراني إلى أنَّ حقل التنظير البيئي لم يحظَ بعد، عربياً، بالمكانة اللازمة في مجال العلاقات الدولية المتشابكة بين الدول والفاعلين مِن المنظمات غير الحكومية.

ويعتبر الباحث، في خلاصة دراسته، إلى أنَّ تحقيق الأمن المائي في المنطقة العربية لن يتحقّق دون معرفة وضبط سلوك وإستراتيجية الفاعلِين الأساسيِّين وضبطهما، وتفاعُلات ما يُسمّيها "اللعبة المائية" في المنطقة، ودراسات الخيارات المتاحة في ظلّ تعقُّد التنازُع حول المياه.

يُذكر أن الحسين شكراني (1971) باحث مغربي في العلاقات الدولية، حاصل على الدكتوراه في الدينامية الجديدة للعلاقات الدولية من "جامعة محمد الأول" في وجدة. ويُنتظَر أن يصدر له قريباً كتابٌ بعنوان "المقاربة المتوسطية الخضراء للبنك الأوروبي للاستثمار (1958-2012)".

كتب

التحديثات الحية

"صلامبو": قرطاج كما أوحى بها فلوبير