إيدير.. استعادةٌ في القرية

02 مايو 2021
إيدير في مدينة تولوز الفرنسية خلال مشاركته في "مهرجان ريو لوكو للموسيقى"، 2009 (Getty)
+ الخط -

غادَر المُطرِب والموسيقيُّ الجزائري إيدير (1947 - 2020)، الذي تمرّ اليوم الأحد ذكرى رحيله الأولى، بلادَه منتَصف الثمانينيات، ولم يعُد للغناء فيها إلّا بعد أكثر مِن أربعين عاماً؛ حينَ قدَّم حفلاً خلال تنظيم تكريم شعبي له في قرية آيت لحسن، مسقطِ رأسه، جنوب ولاية تيزي وزّو عام 2015، قبل أن يُقدِّم حفلَين كبيرَين في الجزائر العاصمة عام 2018.

وكانت تلك القطيعةُ موقفاً سياسياً عبّر عنه الفنّان الراحل إزاء مسألتَين: إصرارُ السلطة في الجزائر على عدم الاعترافِ بالثقافة واللغة الأمازيغيّتَين مِن جهة، وانتهاكاتُ حقوق الإنسان التي مارستها على نطاقٍ واسع بُعَيد وقف المسار الانتخابي مطلَع تسعينيات القرن الماضي.

في 2007، رفض حميد شريّط، وهو اسمُه الحقيقي، دعوةً للمشاركة في تظاهُرة "الجزائر عاصمةً للثقافة العربية"؛ إذ رأى أنَّ عودته إلى الجزائر لتقديم حفل موسيقي في إطار التظاهُرة يضربُ صورته كفنّانٍ ملتزم بالقضية الأمازيغية. 

وقبل ذلك، رفض عام 1993، أيْ في أوج الأزمة الأمنيّة التي عاشتها البلاد، دعوةً مماثلة، قائلاً إنّه لن يُغنّي والجزائريّون يُقتَلون بشكل يومي، بينما يقبع عددٌ غير قليل منهم في محتشداتٍ بالصحراء. وكان أن ردَّت عليه السلطةُ بحملة تخوين وتشويه عبر وسائل الإعلام.

تشمل التظاهرة حفلاتٍ غنائيةً وموسيقيةً وندواتٍ في الموسيقى الأمازيغية

بعد ثلاثين عاماً مِن ذلك، ستُعبِّر السلطةُ عن موقف مختلف تماماً مِن الفنّان الجزائري؛ فبعد رحيله في الثاني من أيار/ مايو 2020، تهاطلَت بياناتُ التعزية مِن مسؤولين في الدولة؛ فهذه وزيرة الثقافة مليكة بن دودة تقول في تعزيتها إنَّ "الجزائر تطوي صفحةً مِن أبرز صفحات الفنّ الملتزم"، وإن رحيله يُمثّل "شرخاً عظيماً في جسد الفنّ الجزائري"، بينما يكتُب الرئيس عبد المجيد تبّون قائلاً إنَّ "الجزائر فقدت هرماً مِن أهراماتها".

غيرَ أنَّ اللافتَ في ذكرى رحيل إيدير الثانية هو غيابُ أيِّ استعادةٍ رسمية له؛ إذ لم تُعلِن وزارة الثقافة، أو المؤسّساتُ الثقافية التابعةُ لها، عن أيِّ نشاطاتٍ لإحياء المناسبة، في حين جرى تنظيم تظاهرة استعادية محلّية في مسقط رأسه (قرية آيت لحسن).

تُقام التظاهُرة على مدار ثلاثة أيام؛ حيث انطلقت أمس السبت وتُختتم يوم غدٍ الإثنين. وقال رئيس بلدية آيت ينّي، إسماعيل دغول، في تصريحات صحافية، إنَّه جرى تقليصُ برنامج الاحتفالية بسبب الظروف المتعلِّقة بالأزمة الصحية؛ إذ تشهدُ الجزائر حالياً ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19؛ ما يُنذِر بدخول البلاد في موجةٍ ثالثةٍ من الوباء.

يتضمَّن برنامج التظاهُرة ــ التي انطلقت بالكشف عن نُصبٍ تذكاري أُقيم في ساحة القرية، هو عبارةٌ عن تمثالٍ يُجسِّد صاحب رائعة "آفافا ينوفا" ــ حفلاتٍ غنائيةً وموسيقيةً وندواتٍ يُقدّمها أكاديميون وباحثون في الموسيقى الأمازيغية، إضافةً إلى شهاداتٍ لعددٍ من رفاق المطرب الراحل.

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون