إنها محارق الغربيين

17 أكتوبر 2023
ناجي العلي - القصم الثقافي
+ الخط -

اليوم، يُولد الفلسطيني جديداً كما لم نره من قبل. يستمدُّ نسغه الموّار من مسيرة مستنقع البطش والظلم الأبديّين، وقد طال أمدُها حتى تعوّدها كلّ الناس. يُولد كما وُلد سابقاً، ولكن بعزيمة أشدّ، وإرادة أمضى، ليُدافع عن بقايا بلد وشعب ومنطقة طالت مظلوميّتها حتى ازدراها الغرب: قوى الشرّ الخالص غير المغشوش.
 
إنه النهوض بمعجزة الكفّ العارية أمام المخرز: بهذا الغضب المستمدّ من تراكم التعب والوعي، منذ مقارعة المستعمر البريطاني، ما قبل النكبة، حتى يوم الناس. 

نحن المقاومون، طوال تاريخنا الوطني. وعدوّنا هو الإرهابي النازي، العامل بوظيفة خادم للأطلسي ومصالحه الإمبريالية في الإقليم. نحن المظلومون لا الظَّلَمَة، مهما قيل من ملايين فبركاتٍ ومزاعم وآراء تبسيط مدعومة باحتكار التضليل الجماهيري. إنها الحرب، وإنهم الغربيون، أعداؤنا، صانعو هذا الكيان ومُدشّنو الأذى عبر التاريخ البشري طوال القرون الخمسة الأخيرة.

عدوّنا هو الإرهابي بوظيفة خادم مصالح الإمبريالية في الإقليم  

هم بترسانة سلاحهم الفتّاك، كلّ يوم، وكلّ ساعة (نعم، الآن، وغداً، دون خطأ)، يقصفون بيوتاً ويقتلون مواطنين أبرياء تحتها، وخارجها، بمعدّل مواطن لكل دقيقة، والقادم أخطر وأسوأ، دون أن يصرخ أحد وفاءً لضحايا الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

هُم قوى البطش بامتياز. وهُم من فقدوا ذاكرتهم، وها هُم يُعيدون صناعة المحارق النازية من جديد، على جلودنا. أما في المقابل، فنحن من انتُهكت حقوقُنا كأمّة وكشعب، وليس أمامنا من خيار سوى المقاومة. هم بما يملكون من طاغوت ونحن بما نملك من إرداة الأعزل، حين يُحشر في الزاوية، ويُمنع عنه حتى الهواء.

لقد قُلبت المعادلة: الكفّ بمقدوره مناطحة المخرز.

إن المقاومة الفلسطينية لا تقتصر على حماس، وإن كانت حماس على رأسها وفي المقدّمة، بل تذهب إلى أبعد من ذلك، حيث تصل إلى عمق الإنكار الذي دفَعَ الأجيال التي وُلدت في التنكيل الناقع إلى مواجهته الآن. 

إنه الرد الوطني الجامع على سنوات طويلة من الإبادة الجماعية وترتيبات الهوان والمذلّة. إن تاريخ حرية الإنسان هو تاريخ الحقّ في المقاومة والتمرّد على كلّ غاشم. 

لقد ودّعنا حتى اللحظة ألوفاً من الشهداء والمصابين، وبما أنّ القتال سجال، فإن هذه الأرقام تصبح قديمة بمرور ثواني الوقت.

ليس ثمة من خيار: هذه حرب فُرضت علينا، وسنواجهها بلحمنا، لنضمن حقّ أجيالنا القادمة في حياة كريمة على ترابها. فلسطين موجودة، وباقية، مهما تجبّر الطغاة. ومهما خُيّل إليهم أنهم خالدون على هذه الأرض، التي سرقوها في حادث سطو مُسلّح، ليس فريداً في تاريخهم على العموم، فلقد سرقوا من قبل الأميركيّتين، وكندا وأستراليا، وسواها.

إن حلف الناتو هو من يُدير الكيان الآن، وهو من يُغذّي نار الإبادة والحقد الوحشي، لا على شعبنا، بل على كل شعوب الإقليم، كي تسودهم "تل أبيب"، عبر التركيع والتطبيع والتتبيع.

وإن قدرنا اليوم أن ندافع عن شعبنا ومصالح شعوب الإقليم وعن شرف العرب والمسلمين، أينما كانوا في الرياح الستّ.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون