في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والسياسية والسوسيوثقافية والاقتصادية والشعر والرواية والأسطورة والتصوف.
■ ■ ■
في ظلّ المشاريع السياسية والاقتصادية للهيمنة على هذه الجغرافيا الممتدّة من الشرق الأقصى إلى أوروبا الغربية، تأتي أهمية كتاب "أوراسيا: قارة، إمبراطورية، أيديولوجيا أو مشروع" للباحث ميشيل برونو الذي صدرت نسخته العربية في سلسلة "ترجمان" لدى "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بترجمة معاوية سعيدوني. يتناول المؤلّف هذه الكتلة القارّية وحاضرها، ويستشرف مستقبلها، في مقاربة تجمع بين عدّة مجالات معرفية، مثل الجغرافيا التاريخية والسياسية، والأنثروبولوجيا الاجتماعية والتاريخ والعلاقات الدولية والاستراتيجية.
يناقش الباحث جيمس م. بانر في كتابه "الماضي المتغيّر: لماذا كل التاريخ تاريخ محرّف" الذي صدر حديثاً عن "منشورات جامعة ييل"، التنقيح الذي يقوم به المؤرّخون في تناول الوقائع والشخصيات، حيث المعرفة غير ثابتة على الإطلاق، والبحث عنها يثير دائماً الجدل. يشير الباحث إلى الكيفية التي يعكس فيها المؤرّخون ميولهم ووجهات نظرهم على المواضيع التي يدرسونها، بما يتجاوز إعادة نقلها وتفسيرها، وهو ما يحاول المؤلّف استكشافه وتبيان دوافعه، حيث التاريخ يشكّل ضرورة لإدراك الأفراد موقعهم في العالم وفهمهم لهويتهم ومصيرهم.
يتناول الباحث الأوزبكي كاملجان رحيموف، في كتابه "جذور التصوّف في بلاد ما وراء النهر: ظهور تعاليم التصوّف وترتيبها المنهجي في القرن 8هـ - 11م"، الذي صدر حديثاً عن "دار خطوط وظلال"، كيف شغلت علوم التصوف والكلام مكانةً خاصّة في مدن آسيا الوسطى، كبخارى وطشفند، خلال القرن الحادي عشر، حيث برز علماءٌ من أمثال المستملي البخاري، والكلاباذي، وغيرهما ممن أسّسوا العديد من الطرق التي انتشرت في مختلف بلدان العالم الإسلامي لاحقاً. يدرس المؤلّف تأثير مؤلّفات هؤلاء العلماء باعتبارها مراجع أساسية في تاريخ الصوفية.
ضمن سلسلة "حروف الفلسفة"، صدر حديثاً كتاب "قصيد الفلاسفة" لمحمد محجوب، عن "در كلمة". يقدّم العمل مجموعة من الدراسات حول التقاء الفلسفة بالشعر في ما يسمّيه بـ"مجاورات"، إذ يخصص المجاورة الأولى للفارابي ضمن فصل بعنوان "نزاع المحاكاة بين الفيلسوف والشاعر والسياسي"، ويتناول في المجاورة الثانية المتنبي في فصل عنوانه "من الأفق الشعري إلى الحدس الفكري"، ويحمل الفصل الموالي عنوان "من هوميروس إلى الدراما الموسيقية الإغريقية: في حدوس الشباب النتشوية". تتضمّن بقية فصول الكتاب دراسات عن الشابي والمسعدي وأدونيس.
في طبعة مشتركة بين "صفصافة" و"مؤسسة روزا لوكسمبورغ"، صدر أخيراً كتاب "عيش مرحرح: الاقتصاد السياسي للسيادة الغذائية في مصر" لمحمد رمضان وصقر النور. يدرس الكتاب التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية في الريف المصري وأثر السياسات النيوليبرالية على الإنتاج الزراعي، وبالتالي على الأمن الغذائي في مصر. يوضح الكتاب العلاقات بين السيادة الغذائية وسياسات الأمن العامة وارتباط الأخيرة بالاكتفاء الذاتي الغذائي، كما يعالج تاريخ رسملة الزراعة المصرية وعلاقات السوق الجديدة وما جرّته من تحوّلات اجتماعية في الريف المصري.
عن "در المدى"، صدر حديثاً كتاب "نساء عراقيات: وجهة نظر اجتماعية" للباحثة في علم الاجتماع لاهاي عبد الحسين، والذي تجمع فيه عدداً من دراساتها السوسيولوجية، النظرية والعملية، التي أضاءت فيها على جوانب متعدّدة من حياة النساء في العراق؛ مِن بينها دراسة حول ظاهرة التمييز الجنسي على مستوى التعليم والعمل بين 1967 و1988. ترى الكاتبة أنه لم يعُد كافياً الحديث عن مشاكل النساء كحزمةٍ واحدة؛ إذ بات واضحاً أنَّ ثمّة الكثير من الزوايا التي يمكن أنْ تُرصد من خلالها مشاكل النساء وقضاياهن المتعدّدة كشرائح مستقلة.
عن منشورات "أوديل جاكوب"، صدر حديثاً كتاب "استعادة الثقة في الاقتصاد" لفرانسوا فيلوروا دي غالو، وفيه ينطلق من حالة الضبابية والركود الاقتصادي وهبوط مؤشّرات النموّ على خلفية الأزمة الصحية العالمية. يرى دي غالو أن هذا الوضع ينبغي أن يدفع نحو مزيد من الثقة بين الشركاء الاقتصاديين، من مستثمرين ومموّلين ومستهلكين ودول، كما يشير إلى أن التوقعات الاقتصادية التي تقدمها المؤسسات المالية العالمية تُنبئ بأزمات أكبر في حال مواصلة نفس السياسات الاقتصادية المتبعة اليوم، وبالتالي يقترح الكاتب مجموعة من الحلول.
تصدر، هذه الأيام، عن "دار كلمات"، رواية "آنّا" للكاتب الإيطالي نيكولو أمانيتي، بترجمة معاوية عبد المجيد. في هذا العمل الصادر باللغة الإيطالية عام 2015، يُصوِّر أمّانيتي عالَماً ديستوبياً يعمّ فيه الخراب وتستفحل المخاطر وينعدم الأمان؛ حيث يتخيّل الحياة في عام 2020، بعد وباء يضرب العالَم يُدعى "الحُمّى الحمراء"، ويُصاب به البالغون دوناً عن الأطفال. تسرد الرواية قصّة آنّا التي تُحاول مرافقة شقيقها الصغير؛ إذ ينبغي للأطفال أن يجدوا منفذاً من الكارثة الصحّية قبل أن يصلوا سنّ البلوغ ويفتك الفيروس بهم.
صدر حديثاً، لدى منشورات "فضاءات" في عمّان، كتاب "آدمواء" للمؤرّخ والشاعر العراقي خزعل الماجدي. يُصنِّف العمل نفسه، بحسب ما يظهر على غلافه، كـ"أسطورة شِعرية"، وبهذا يربط المؤلّف بين مجالين إبداعيين قدّم فيهما العديد من الأعمال. من مؤلفات الماجدي في الميثولوجيا: "بخور الآلهة" و"سفر سومر" و"أدب الكالا، أدب النار"، و"أديان ومعتقدات ما قبل التاريخ". ومن أعماله الشعرية: "يقظة دلمون"، و"عكازة رامبو"، و"حزيناً عند عمود السماء"، و"السومرية، أحلام في اتضاح حجمها وفراديسها العالية"، و"موسيقا لهدم البحر".