في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تشمل مؤلّفات في الترجمة والفلسفة والتاريخ والرواية والدراسات الأدبية والسياسية.
■■■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "الاستعارة في علم اجتماع: ماكس فيبر وزيغمونت باومان"، للباحث المغربي عبد القادر مرزاق. يبحث الكتاب في ظاهرة الاستعارة قديماً وحديثاً، وآراء العلماء فيها، والتحدّيات التي قابَلتها أو طرحتها، ومدى التغيّر الذي طرأ على النظرة إليها منذ أرسطو حتى العصر الحديث، ويلفت إلى أنّ محاولات مسح الاستعارة في المعرفة البشرية واجهت تحدّيات جمّة، فالاستعارة ليست مجرّد إضافة، بل وسيلة للتفكير والتواصل، ولذلك انتشرت في الخطاب إلى درجة أنه يجوز القول إنّ المعرفة استعارة.
صدرت، عن "مركز تراث للبحوث والدراسات"، طبعةٌ جديدة من ترجمة محمد عبد الله الشفقي لكتاب "مع أرنولد توينبي"، الذي يضمّ مقالات وحوارات تُضيء جوانب تتعلّق بسيرة المُؤرّخ البريطاني (1889 - 1975)، وأفكاره الأساسية وآرائه المتعلّقة بدراسة التاريخ والسياسة العالمية والفكر الإنساني، إضافةً إلى حديث عن بعض رحلاته وجولاته، وخصوصاً رحلته إلى غزّة. قدّم للكتاب أستاذ التاريخ في "جامعة القاهرة"، عبد الرحمن سالم، متناولاً بعض الملاحظات حول عدد من أهم أفكار توينبي وآرائه التي ينبغي التوقف عندها واتخاذ موقف منها قبولاً أو رفضاً.
"الأندلسيون بعيون أوروبية بداية العصر الحديث" عنوان للباحث حميد الحدّاد صدر عن "دار رؤية". يُحاول العمل، وفق ما نقرأه على الغلاف، تقديم مساهمة جديدة في مجال الدراسات الأندلسية؛ إذ تناول أوضاع الأندلسيّين بين أواخر العصر الوسيط وبداية العصر الحديث، في مُحاولة لفهم ما تُخفيه مضامين ثلاث رحلات إلى شبه الجزيرة الإيبيرية؛ اثنتان منها أوربيتان، الأُولى (1494 - 1495) للألماني جرونيمو مونزر، والثانية (1524 - 1526) للإيطالي نافاغيرو أندرياس، وتتجلّى قيمة الرحلتين، حسب الباحث، في استخلاص نظرة الآخر الأوروبي إلى الأندلسيّين.
"إنّك ذاهب إلى البار" عنوان رواية الشاعر والمُترجم المصري يوسف رخّا (1976)، الصادرة عن "منشورات المتوسط". ومن كلمة الناشر نقرأ: "شخصيات الرواية جميعها تشبه البطل من حيث إنه هو، وهي، شخصيات ليست سوية بالمعنى الواقعي، شخصياتٌ على حافة الموت، وفي قلب الأغنية والموسيقى، كأنّما تموت على وقع الأغاني، وكأنّها تريد ذلك حتى لو لم تصرّح به! هي رواية، إذاً، عن الموت والموسيقى، عن الإنسان الواقف طيلة حياته على حتفة الهاوية". ممّا صدر للكاتب في الرواية: "كتاب الطغرى" (2011)، و"التماسيح" (2013)، و"باولو" (2016).
لماذا يظل العديد من القادة الذين دمّروا بلدانهم في السلطة لفترة طويلة؟ كيف يمكن أن يوجد فقراء في جزء كبير من بلدان غنية ومليئة بالموارد المتنوّعة؟ لماذا تنتهج الأنظمة الاستبدادية مثل هذه السياسات الاقتصادية الكارثية؟ في كتاب "دليل الدكتاتور"، الصادر عن دار "سيرويلا" الإٍسبانية، يحاول الباحثان بروس بوينو دي مسكيتا وأليستير سميث الإجابة عن هذه الأسئلة، ويؤكّدان أنَّ القادة على استعداد لفعل أي شيء للبقاء في السلطة. وبالمثل، يقومان بتحليل الشركات الكبرى ورؤسائها، وبعض الحروب، في محاولة لشرح منطق السياسة والاستبداديين.
للمُنظِّر والباحث الإيطالي إينزو ترافيرسو (1957)، يصدر عن "منشورات فيرسو" كتابٌ بعنوان "ثورة: تاريخٌ فكري". يُعيد الكتاب تفسير ثورات القرنين التاسع عشر والعشرين من خلال جدليّة تجمع بين أفكار الفيلسوف الألماني كارل ماركس (1818 - 1882) وبين أحداث مفصلية في التاريخ الأوروبي؛ مثل "كومونة باريس" (1871)، بالإضافة إلى تناوله شخصيّات ثورية لمعت في القرن العشرين؛ مثل: لينين وروزا لوكسمبورغ، كما يتطرّق إلى انعكاسات هذا التاريخ الطويل على الجنوب العالمي الذي كان مسرحاً لحركات التحرّر الوطني والنضال ضدّ الاستعمار.
للكاتب والمترجم محمّد ساري، صدر عن "دار سماء"، كتابٌ بعنوان "عيون من الأدب الجزائري". يضمّ العمل خمسة نصوص سردية مُترجَمة لخمسة روائيّين جزائريّين بارزين يكتبون باللغة الفرنسية؛ هُم: محمد ديب، وحميد سكيف، ورشيد ميموني، وأنور بن مالك، وجمال سويدي. تتوزّع المختارات، التي يقترحها الكتاب، بين القصّة القصيرة والمقاطع الروائية، ويتناول بعضُها موضوعات تتعلّق بالثورة الجزائرية، أو الحياة السياسية والاجتماعية في الجزائر بُعيد الاستقلال، ويعود بعضُها الآخر إلى مرحلة الفتوحات الإسلامية في شمال أفريقيا.
أفول النخبة لا يعني نهايتها، بل نهاية شكلٍ محدَّدٍ منها، ونهاية كلِّ ما كان يمثِّله خلال زمن طويل وعبر حقبة معينة. في كتاب "أفول النخبة"، الصادر عن "ميسلون" يحاول الباحث ماهر مسعود توضيح معنى النخبة، أو التغيّر النوعي الهائل، أو القطيعة الأبستمولوجية التي حدثت في معناها وممثليها في العالم العربي، لا سيّما بعد الثورات العربية، موضحاً أن نجم النخب القديمة بكلّ ما حملته من قيمٍ، وفي المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، هو نجمٌ في طور الأفول، ومهمّة المفكر تتحدّد في التقاط لحظات الأفول وصوغها فكراً.
بترجمة علي أسعد يوسف، صدر عن "دار صفحة سبعة" كتاب "أربع وعشرون ساعة من حياة سقراط" للباحثة وأستاذة الفلسفة الفرنسية ساندرين ألكسندار، وفيه تتناول، بالدراسة، آخر يوم عاشه الفيلسوف اليوناني قبل إعدامه، فتتعرّض إلى العديد من المواضيع والقضايا المتعلّقة بحياته وأفكاره وتطرح جملة من الأسئلة الفلسفية المتّصلة بهما. تَعتبر المؤلّفة أنّ نهاية سقراط المأساوية ترتبط بكونه كان دائماً خارج نطاق المؤسّسات حول الكثير من القضايا، وبكونه شخصية غريبة ولا يفعل شيئاً ليجعل نفسه يبدو جيّداً.
تتمتَّع الرواية الفرنسية بمنزلة عالية على صعيد هذا الفن السردي العالمي، الذي بلغ ذروته في القرن التاسع عشر، مقدّماً للعالم أسماء برزت على الصَّعيد العالمي، مثل ستندال وبلزاك وفلوبير وزولا وأسماء أخرى عديدة. في كتاب "أعلام الرواية الفرنسية في القرن التاسع عشر"، الصادر عن "دار أوغاريت"، يقدّم حامد فرزات أسماء كثيرة برزت في هذا الفن الأدبي وأسّست بطريقة أو بأُخرى لتيارات ومدارس كان لها أتباعها على الصَّعيد الفرنسي والأوروبي. الكتاب رحلة مع كتَّاب ونصوص تركت بصمتها في فرنسا والعالم، وكان لها أصداء تجاوزت حدودها المكانية والزمانية.