في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أُولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تطلّ على القضية الفلسطينية من زوايا السياسة والسيرة والأدب والبحث الاجتماعي، كما تشمل، أيضاً، مؤلّفات حول ثورات الربيع العربي والنقد الأدبي والكتابة الإبداعية.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر كتاب "ما بعد الثورات العربية: إعادة التفكير في نظرية الانتقال الديمقراطي". يضمّ العمل، الذي حرّره عبد الوهاب الأفندي وخليل العناني، دراسات لباحثين عرب تتمحور حول موضوع الانتقال الديمقراطي في العالَم العربي وإشكالياته، ونسبة التأثر بنموذج الانتقال الديمقراطي الغربي في حقبة ما بعد الربيع العربي، ومسائل الثورة والاستعمار، وأنماط النُّظُم التسلطية، ودور الفاعليات والنخب النسائية في الانتقال الديمقراطي، والعلاقة بين الدين والانتقال الديمقراطي، وتحدّيات إصلاح القطاع الأمني.
"سلامٌ لغزّة"، عنوان العدد 137 (شتاء - 2024)، من "مجلّة الدراسات الفلسطينية" التي تُصدرها "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية"، وهو مخصّص بالكامل لقطاع غزّة: الإبادة، والبطولة، والجرح المفتوح. شارك في العدد ستّون كاتبة وكاتباً من فلسطين والعالَم العربي والعالم، تتوزّع مقالاتهم على أربعة محاور: "الأسرى والحرّية" و"الإعلام والسردية" و"الإعمار والعمارة" و"الاجتماع والثقافة". إضافة إلى أبواب المجلّة الثابتة، يتضمّن العدد باباً للشعر فيه قصائد لعشرين شاعرة وشاعراً من غزّة، بينهم الشهداء: هبة أبو ندى، ورفعت العرعير، وسليم النفّار.
صدر كتاب "الصمود.. الولادة والتاريخ الشفهي والإصرار في فلسطين" للكاتبة ليفيا ويك، عن "منشورات جامعة سيراكيوز". تستكشف المؤلّفة تجربة الولادة بالاعتماد على التاريخ الشفوي، حيث تتتبّع قصص الأمّهات والمُمرّضات والقابلات في القرى الفلسطينية ومخيّمات اللاجئين، التي تتضمّن روايات متنوّعة تعكس نظرة الشعب الفلسطيني إلى مفهوم الولادة ودلالاتها العميقة عنده، كما تبحث في واقع البُنية التحتيّة المُحيطة بالولادة والطبّ في فلسطين، من المستشفيات الكبيرة إلى عيادات القُرى، والمنازل الخاصة، والربط الحقيقي بين فكرة الإنجاب والصمود.
صدر عن "دار طباق للنشر والتوزيع" كتابٌ بعنوان "خالدٌ في حياتي"، للكاتبة الفلسطينية ريما كتانة نزّال. العمل سيرةٌ توثّق فيها الكاتبة حكاية الشهيد خالد نزّال (1948 - 1986)، وتُضيء من خلالها على سيرتهما المشتركة منذ مقاعد الدراسة وحتى تاريخ اغتياله في حزيران/ يونيو على يد "الموساد" الإسرائيلي في أثينا. يُعدّ الشهيد أحد أبرز قادة العمل المسلّح في فلسطين، حيث تولّى مسؤولية قوّات إسناد الداخل في "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، واتّهمه الاحتلال بمسؤوليته عن عدد من العمليات العسكرية مثل "ترشيحا" و"بيسان".
"فلسطين في القلب: قصصٌ قصيرة بالعربية والإيطالية"، عنوان المجموعة الصادرة عن "الناشر الرقمي"، وتضمُّ كتاباتٍ لفِتيان فلسطينيّين فازت نصوصُهم في مسابقة القصة القصيرة التي نظّمتها "جمعيّة القلم الخيرية"، تحت شعار "من شباب فلسطين إلى شباب العالَم"، بهدف "تحفيز الأصوات الجديدة، وتعزيز التواصل مع كُتّابٍ شباب من بُلدان وجِهاتٍ مختلفة، والتعريف بالأدب والتاريخ الفلسطينيَّين". تروي القصص جوانب من المعاناة اليومية للعيش تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، كما تعكس طموحات الجيل الجديد وتَوقِه إلى حُرّية البلاد.
لا تنتهي الحروب دائماً بنهاية المعارك. تظهر هذه الفكرة بشكل بارز في كتاب "حصون النار" الصادر عن دار "Seix Barral" لمؤلّفه الإسباني إغناسيو مارتينيز دي بيسون. كلُّ شيء في الكتاب مهيّأ لابتلاع القارئ: الصفحات السبعمائة، وتعدّدُ الشخصيات والمواقف والأماكن وقدرتها على وصف مواقف الحرب العنيفة. الحرب نفسها التي تتّسم بالخوف والرغبة في البقاء بآن واحد. يمزج بيسون بين الشخصيات الحقيقية والمتخيّلة، ويسافر عبر أركان مدريد بين عامي 1939 و1945؛ تلك المدينة التي اجتاحها الموت والجوع والظلم ليحدّثنا عن تفاصيلها وتفاصيل سكّانها.
في كتاب "أدب الفانتازيا" الصادر عن دار "التكوين"، تخبرنا الكاتبة هبة حمدان كيف تتلاعب الفانتازيا بالواقع من حيث أنّها تماه بين الفريد وتمزيق الهوية. فهي التردّد الذي يحسّه كائن لا يعرف غير قوانين الطبيعة معتمدة على الخيال المتناسق، والمُركّب ضمن تفاصيل خارقة للطبيعة. فالفانتازي هو ذلك المجرّد عن كلّ ما هو منطقي ويمكن حدوثه بتفاصيل مألوفة منسجمة مع الواقع. إنّه تحديداً ما نجنح به لذروة الخيال وأعلى مستوى من مستوياته اللامتناهية، وكما قال مارك تشادبورن: "كلما أصبح العالم أكثر عقلانية، جنحنا إلى اللامعقول في خيالنا".
خلال فترة الخمسينيات والسبعينيات المضطربة، تحدى الفنّانون الأميركيّون السُّود عدم المساواة في عالم الفنّ، فابتكروا أعمالاً تحتفي بهويتهم العِرقية، وكان لها دورها في النضال من أجل المساواة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يقدم كلّ من سيليست ماري بيرنييه، وإرنستين لوفيل جينكينز، وألينا سيمون في كتاب "الفنّانون السود في أميركا" الصادر عن "منشورات جامعة ييل"، لمحة عامة عن تلك الفترة، إضافة إلى عرض رسومات توضيحية ومنحوتات وأعمال لفنانين سود مشهورين مثل رومار بيردن، وسام جيليام، وجاكوب لورانس، وألما توماس، وآخرين.
"ولاية سيناء: تحوّلات العنف الجهادي في مصر"، عنوان كتاب للباحث أحمد زغلول شلاطة، صدر عن "مركز دراسات الوحدة العربية". يحاول المؤلّف فهم وتفكيك تنظيمات ما يسمّيه "العنف الديني" في مصر؛ فانطلاقاً من ملاحظة تتعلّق باستمرار تنظيم "ولاية سيناء" في المشهد الجهادي على الرغم من الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية القائمة، يتساءل: ما الذي توافر لهذا التنظيم ولم يتوفّر لأقرانه، فجعله يستمرّ؟ ليخلص إلى أنّ عدم القضاء التامّ على التنظيم يتطلّب إعادة النظر في تفعيل استراتيجيات المقاومة الناعمة ضمن استراتيجية "مكافحة الإرهاب".
عن "دار موزاييك للدراسات والنشر" صدر كتاب "أغنيات سجينة"، للسياسي والباحث السوري جورج صبرة. يضمّ الكتاب قصائد كتبها بعد خروجه من سجون النظام السوري في منتصف التسعينيات بعد اعتقاله لأكثر من ثماني سنوات قضاها في زنزانة منفردة لا تتوفرّ فيها أدنى شروط الحياة، عبّر فيها عن تلك النافذة التي تربطه بالعالم والحبيبة والأصدقاء، وتأمّلاته في تجربة سياسية بدأها منذ السبعينيات في صفوف الحزب الشيوعي، وحالاته الوجدانية في السجن في ظلّ نظام مستبدّ مستذكراً العديد من المناسبات والأحداث السياسية والاجتماعية التي تعنّ على باله.