يستعيد "غاليري ضي" في القاهرة قوّة المرأة ويتّخذها منطلقاً تشكيلياً من خلال معرضَين افتُتحا في العاشر من الشهر الجاريويتواصلان حتى الخامس من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، الأول بعنوان "الجميلات النائمات" لهشام نوار (1967)، والثاني "الغريزة والتاريخ" لسامي البلشي (1961).
في لوحات المعرض الأول، "الجميلات النائمات"، يقدّم نوار رؤية فنّية تجمع بين العُمق البصري والتعبير الهندسي المُستلهم من ثقافات متعدّدة، حيث يمكن أن نُحدّد مركزية المشهد من حيث الخطّ المنحني الذي يُشكّل أجساد نسائه. هناك حالة انطواء على الذات تُقرأ من وضعية الأجساد الممتدّة على خلفيات سوداء معتمة، وعيون تغمض على صمت لا يخلو من حزن لا يحتاج إلى تفسير، نجد أسبابه في الوضعية الاجتماعية للمرأة.
تُلاحَظ الترسيمة الهندسية في تكوين شخصيات اللوحة من دون أن تلتزم بحدّة تكعيبية، على اعتبار أن هذا التيار يُمثّل أبرز التيارات التشكيلية التزاماً بالفهم الهندسي. نعم، في لوحة نوار مثلّثات لكنّها مَمحوّة الجوانب، تضيع في انكسار الحدود، والزوايا شبه مطويّة على ذاتها هي الأُخرى، في محاولة لتكون الهندسة مُتّكأً لمنام الجميلات.
لا شكّ في أن عنوان المعرض مفتوح على التأويل، فهل النوم المقصود هو ذلك الذي ننقاد إليه جميعنا ليلاً ويستبطنُ شيئاً من الحسّية والأحلام؟ أم أنه القهر المُطبِق على النساء اجتماعياً ويسلبهنّ جمالهنّ ويمحمو عن وجوههنّ الملامح كما نعاين في اللوحات؟ لا إجابة محدّدة طبعاً بل مزجٌ عميق بين هذا وذاك.
كذلك تتصادى لوحات المعرض الثاني "الغريزة والتاريخ"، لكنّ النساء هناك مخلوقات من تحدٍّ وصخب، ويُحدّقنَ بمزاجهنّ العالي في عناصر المحيط، على الشاطئ أو في الشارع أو في العرس الشعبي، بهذا يمكن القول إن الأجساد في لوحات البلشي مشغولة بالفرح ولا تعبأ بأُطر المنع والحجب، والألوان الفاقعة تعكس ما فيها من نشاط وحيوية لا حدود لها.
ووفقاً لتقديم المعرض، "يستعرض البلشي الصراع المستمرّ بين الغريزة والتاريخ، ويعبّر من خلال لوحاته عن رحلة المرأة بين الأمن والصراع، بين الثبات والحركة، كاشفاً عن تناقضات العلاقات الإنسانية وتأثير القوى المجتمعية المختلفة على الدور الإنساني للمرأة، بطرح فنّي يمزج بين الفنتازيا الساخرة والرمزية".