في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الأنثروبولوجية والتااريخية والفلسفية والنقدية والشعر والرواية.
■ ■ ■
بترجمة نوري دريس، صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "عالِما أنثروبولوجيا في المغرب الكبير: إرنست غلنر - كليفورد غيرتز" لأستاذ علم الاجتماع الجزائري لهوّاري عدّي. يتناول المؤلّف أعمال اثنين من أبرز الأنثروبولوجيين المكتوبة بالإنكليزية عن المغرب الأقصى بغرض المقارنة بينهما، وينطلق من فرضية أساسية مفادها أنّ تعارُض مقاربتيهما تجد جذورها في الجدالات القائمة في بين إميل دوركهايم وماكس فيبر، كما يضيء عدداً من أبعاد أنثروبولوجيا المغرب الكبير، مثل الإسلام، والانقسامية، والثقافة الأمازيغية، واللغة، وبناء الدولة.
"العبودية الحديثة: منظورٌ عالمي" عنوان كتاب للباحث الأميركي سيدهارث كارا، صدر عن "منشورات جامعة كولومبيا". بالاعتماد على بحث ميداني أجراه في أكثر من خمسين بلداً، يوثّق المؤلّف أشكالاً لا تُحصى من العبودية الحديثة؛ مثل: الاتجار بالعمالة في القطاع الزراعي الأميركي، والاتجار بالجنس في نيجيريا، وعبودية الديون في قطاع البناء في جنوب شرق آسيا، والعمل القسري في صناعة المأكولات البحرية التايلاندية. يستند الكتابُ إلى مقابلات طويلة مع المضطهِدين والمضطهَدين تكشف وحشية النظام الرأسمالي، خصوصاً ضمن سلاسل التوريد العالمية.
"دروبٌ لا تُفضي إلى أيّ مكان" عنوان كتاب الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر (1889 - 1976) الذي تصدر نسخة عربية منه قريباً عن "دار نينوى" بترجمة عباس حمزة جبر. صدر العمل أوّلاً عام 1950، وهو يحتوي ستّة مباحث كان صاحب "الكينونة والزمن" (1927) قد وضعها بين عامَي 1934 و1946. يُعدّ الإصدار من أشهر ما كتبه هايدغر، وتأتي أهميّته من كونه ثاني كتاب أصدره بعد أن كسر توقُّفه عن التأليف والنشر، والذي استمرّ منذ صدور "كانط: أو معضلة الميتافيزيقا" عام 1929 إلى صدور "رسالة حول النزعة الإنسانية" عام 1947.
"وديعة خُفاف" عنوان الرواية الأولى للشاعر والمُترجِم المغربي مبارك وساط (1955)، والتي تصدر قريباً عن "منشورات المتوسّط". بدأ وساط بنشر أشعاره الأُولى في الصحافة الثقافية المغربية والعربية منذ عام 1974. وفي رصيده عدّة مجموعات؛ من بينها: "على دَرج المياه العَميقة" (1990)، و"محفوفاً بأرخبيلات" (2001)، و"فراشة مِن هيدروجين" (2008)، و"رجُلٌ يبتسم للعصافير" (2011)، و"عيونٌ طالما سافرتْ" (2017)، كما ترجم حوارات ومقالات نقدية ونصوصاً لأبرز شعراء الفرنسية؛ أمثال: أندريه بريتون، وبول إيلوار، ولويس بونويل.
أظهرت الديمقراطية، منذ ولادتها في أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد، هشاشتها، وواجهت العديد من المخاطر. منذ تلك اللحظة التاريخية، كانت هناك مناسبات قليلة تمتّع فيها المواطنون الأوروبيون بالحرية السياسية الكاملة. كيف تنشأ الديكتاتوريات؟ كيف تبقى في السلطة؟ وكيف تتلاعب بالماضي؟ في كتابه "صمت الحرّية"، الصادر حديثاً عن دار "Tusquets"، يستكشف الباحث والصحافي الإسباني غييرمو آلتاريس تاريخ الانقلابات من العصور القديمة اليونانية اللاتينية وحتى عام 1935، ويصف الطرق التي دمّرت بها الأنظمة الشمولية حياة المواطنين وحرياتهم.
عن دارَي "ابن النديم" و"الروافد الثقافية"، تصدر قريباً النسخة العربية من كتاب "الإسلام المبكّر ومولد الرأسمالية" لبيندكت كوهلر، بترجمة حبيب الحاج سالم. يسعى المؤلّف إلى البرهنة على أنّ "في الإسلام ما هيّأ لميلاد الرأسمالية". بعكس أطروحات ماكس فيبر التي تربط بين الرأسمالية والبروتستانتية، يرى كوهلر أنّ "الدينامية الاقتصادية" الناشئة مع انتشار الإسلام هي التي منحت الظاهرة الرأسمالية الموجودة منذ القِدَم نسقاً لم تعرفه من قبل، عبر التشريعات والتجارة والممارسات الاقتصادية التي سادت خلال العهود الإسلامية.
"ذكاءُ القصيدة: الغنائية والفكر عند فاليري، ريلكه، ستيفنس ومونتاله" عنوان كتاب للباحثة الإيطالية ماتيلده منارا، صدر بالفرنسية عن "منشورات غارنييه كلاسيك" في باريس. الكتابُ عبارة عن قراءة في تجارب أربعة من الشعراء الحداثيّين الذين كتبوا بأربع لغات مختلفة (الفرنسية والألمانية والإنكليزية والإيطالية) شعراً يتّخذ فيه الفكر والتفكير مكانةً مركزية، حيث تواجه القصيدةُ عند هؤلاء الشعراء أسئلةً كُبرى وتُعالجها بلغةٍ قد تكون أكثر فعاليةً من اللغات التي تستخدمها خطابات الفلسفة والبحث الاجتماعي.
"تسع مقالات حول دانتي" عنوان كتاب يصدر قريباً عن "منشورات الجمل" بترجمة رضوان ناصح وزينب سعيد، وهو يضمّ مقالات للكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، يتناول في كلّ واحدة منها مشهداً من المَشاهد التي أثارت اهتمام الدارسين والنقّاد في "الكوميديا الإلهية" لدانتي؛ حيث يُمهّد بعرض إطار عام يُقدّم خلاله صورة عن أبرز التأويلات التي كُتبت عن المشهد، ويُناقشها، قبل أن يُقدّم قراءته وتأويلاته الخاصّة. لا يُخفي بورخيس، في مقالاته هذه، افتتانه بالسمات الفنّية والخصائص الجمالية في المَشاهد المختارة وانسجام الإيقاع مع المعنى فيها.
في مجموعة قصائد الحبّ التي تشكّل ديوان "كلّ ما تبقّى لنا" للشاعر الإسباني مارتين لوبيز فيغا، والتي صدرت حديثاً عن "دار بيسور"، يتعايش كلٌّ من الحبّ والحسرة في فكرة أنّ معاناة أحزان الحبّ وأحواله هي الضريبة التي يجب دفعُها مقابل فرصة أن يعشق الإنسان شخصاً آخر. هذا هو الكتاب الثالثُ للشاعر بعد ديوانيه الأولين "رادار في عرض البحر" (2019) و "مصريٌّ" (2021). نقرأ منه: "عارياً/ أريد أن أرى الفجر كلّ يوم/ معكِ/ في شرفة البيت/ حيث وقف القمر برهةً كي يتأمّلكِ/ كي تتمتّعي بضوء الصباح الأوّل".