في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين العلوم الاجتماعية والدراسات التاريخية والثقافية والفلسفية والفكرية والسيرة الذاتية والرواية.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" صدر كتاب "مناهج البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية. الجزء الثاني: مقاربات اجتماعية" (448 صفحة). الكتاب من تأليف مجموعة باحثِين، وتحرير وتقديم مراد دياني ومحسن بوعزيزي؛ ويعالج سؤال مناهج البحث في المقاربات الاجتماعية، وهو سؤالٌ يكتسي أهمّيةً كبرى، سواء من جهة تعالقات الذاتي والموضوعي، أو الفردي والجماعي، أو الجزئي والكلّي، وسواها من ثنائيات، ورغم أنها إشكاليات مؤسّسة للبحث العِلمي الاجتماعي، لكنها لم تلقَ نصيبها بعد من التأصيل في المجال التداولي العربي.
"شاعر من تشيلي" عنوان رواية الكاتب أليخاندرو زامبرا (1975)، الصادرة ترجمتها عن "دار نينوى"، بتوقيع المترجِم والزميل جعفر العلوني. يتناول زامبرا أسطورة الشعر، ويسرد حياة كلّ من غونزالو وفيسينتي، وهما شاعران، أحدهما فاشل، والآخر في طور النموّ، يؤكّدان عبر مغامراتهما الصغيرة مقولة نيكانور بارا: "الشعراء قد نزلوا من جبل الأولمب، وغدا الشاعر اليوم رجلاً مثل أي رجلٍ آخر". يُشار إلى أنّ للعلوني ترجمات فكرية وأدبية منها: رواية "الضباب" لـ ميغيل دي أونامونو (2015)؛ ومسرحية "المنور" لـ أنطونيو بويرو باييخو (2017).
عن "مدارات للأبحاث والنشر" صدر حديثاً كتاب "الوجيز في تاريخ اقتصاد الإسلام" لأحمد الأشقر ورودني ويلسون، ونقله إلى العربية أحمد العدوي وأحمد عزيز. يقارب العمل الأفكار والممارسات الاقتصادية منذ عصر النبوَّة والخلافة حتى عصرنا الحالي، كما يتطرَّق إلى آراء العلماء والفقهاء المسلمين واجتهاداتهم في مختلف المسائل الاقتصادية، مفصّلاً تطور الفكر الاقتصادي خلال العصرين الأموي والعباسي، مروراً بالقرون الوسطى لدى المغول والعثمانيين والصفويين، وصولاً إلى حركة إحياء الاقتصاد الإسلامي في العصرين الحديث والمعاصر.
"دول الانفصال: العلاقة الأدبية بين الصين والهند في القرن العشرين" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً لأستاذة الأدب المقارن أديرا مانغالاغيري عن "منشورات جامعة كولومبيا". تناقش المؤلّفة انتقال الأدب عبر حدودٍ من التنافر والتباعد بين الثقافتين الهندية والصينية خلال القرن الماضي، من خلال دراسة قصص وروايات تعكس ثيمات الاتصال والتفاعل بين كلا الثقافتين رغم تصاعد النزعات المتطرّفة، حيث تحتشد هذه النصوص غير المترجمة من الصينية إلى الهندية وبالعكس بإمكانيات الربط الأخلاقي والثقافي ومقاومة الوطنيات الضيّقة.
عن "المركز القومي للترجمة"، صدرت النسخة العربية من كتاب "براءة جذرية: دراسات في الرواية الأميركية المعاصرة" للناقد المصري إيهاب حسن، بترجمة سيد إمام. يركّز الكتاب على صورة البطل في الرواية الأميركية عقب الحرب العالمية الثانية، من خلال ربط المتغيرات السياسية التي حلّت في العالم، متمثّلة ببدء صعود الولايات المتحدة كقوة عالمية، بفكرة اليوتويوبيا التي تجد في المجتمع الأميركي أسساً متعلقة بالطهرانية المسيحانية وفكرة التفوّق في أرض موعودة، عبر دراسة أعمال لإرنست همنغواي وتوماس وولف ومارك توين وآخرين.
عن دارَي "ابن النديم للنشر والتوزيع" و"الروافد الثقافية"، صدرت النسخة العربية من كتاب "إبستمولوجيا الجماعات" لأستاذة الفلسفة الأميركية جينيفر لاكي، بترجمة هدى العواجي، وتقديم صلاح إسماعيل. يستعرض الكتاب مفاهيم المعرفة الجماعية وسلوك التبرير عند الجماعات، وغيرها من القضايا المتعلّقة باللغة والتواصل، وما يؤسّس لتفكير الجماعة ويضبط علاقاتها وأحكامها تجاه المواقف السياسية والاجتماعية والثقافية. وتشكّل إبستمولوجيا الجماعات حقلاً فرعياً من الإبستمولوجيا الاجتماعية، وقد ظهر جليّاً مطلع القرن الحالي.
"مدخل إلى التداولية ــ النظريات المؤسِّسة: أفعال الكلام والتداولية المعرفية والتداولية المندمجة" عنوان النسخة العربية من كتاب الباحثة مارتين براكوبس، والصادرة عن منشورات "صفحة سبعة" بترجمة علي يوسف أسعد. وكما هو بائن في العنوان، يسعى الكتاب إلى إعطاء صورة عن هذا الحقل البحثيّ المتفرّع من علوم اللسانيات، حيث تشرح المؤلّفة، أوّلاً، الخطوط العامّة لفلسفة اللغة، قبل أن تنتقل إلى إضافة التداولية على هذه الفلسفة، ولا سيّما عبر مراجعة لأبرز الاشتغالات المنشورة خلال العقود الأخيرة بالإنكليزية والفرنسية.
"جان باتيست فيكو: مَسارُ أديب في نابولي الأنوار" عنوان العمَل السيَري الذي وضعه الكاتب الإيطالي رافائيلي روجييرو، وصدرت نسخته الفرنسية حديثاً عن منشورات "لي بل ليتر" في باريس. يعود المؤلّف إلى تجربة فيكو (1668 - 1744)، أحد أبرز أسماء الفكر والأدب الإيطاليين خلال الفترة بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، ضمن مسعى إلى إخراجه من التصوّر الضيّق الذي يختصره بأنه "مضادّ لديكارت". هكذا، يُتابع المؤلّف مسار فيكو منذ تكوينه العِلمي وحتى آخر أعماله، التي يعيد روجييرو تقديمها للقارئ ووضعها في سياقها.
"في فلسفة الاعتراف وسياسات الهوية: نقد المقاربة الثقافوية للثقافة العربية الإسلامية" عنوان كتاب للباحث السوري حسام الدين درويش، صدر عن مؤسّسة "مؤمنون بلا حدود". يتناول العمل مفهوم الاعتراف بوجهيه المعروفين فلسفياً؛ الأول بوصفه حالة تقدير واحترام للآخر، والثاني بما هو اعتراف بذنبٍ مُقترَف، قبل أن ينتقل إلى تقديم قراءة نقدية بحق المقاربة الثقافوية التي تختزل الفرد بالجماعة، كما تختزل العوامل السياسية والاقتصادية بالثقافة، بغضّ النظر عن مدى توافق انتساب الفرد الإرادي إلى تلك الثقافة من عدمه.
عن دار "رامينا" في لندن صدرت رواية "غربان طائرة" للشاعر والكاتب والمُترجم السوري الكردي كاميران حرسان. يتّكئ المؤلِّف، الذي يُقيم في السويد منذ ثلاثة عقود، على محطّات ومواقف من سيرته الذاتية ليروي قصّة جان دار الذي يهاجر من بلده سورية إلى السويد؛ حيث يعاني من المظالم الاجتماعيّة التي يعتبرها ملوَّثة بسياسات الدولة العميقة إزاء الأُسَر الأجنبيّة. من إصدارات حرسان الأُخرى؛ في الشعر: "رشيقاً أعمى كالدمى" (0200)، و"بين" (2006)، و"المدخنة التي امتلأتْ بالدبابير" (2021). وفي الرواية: "كوكبة النسور" (2021).
"انقسام الروح" عنوان كتاب صدر عن "دار عشتار" في كندا للكاتب السوري وائل السواح، وفيه يروي جوانب من سيرة اليسار السوري الجديد في السبعينيات والثمانينيات، من وجهة نظر عايشت الحقبة التاريخية الحسّاسة من تاريخ سورية الحديث. يتساءل المؤلّف: هل يمكن الحديث حالياً عن "يسار سوري"؟ ليُجيب: "هذه القوّة ستظلّ موجودة... غير أنّ المفاهيم لن تكون ذاتها، واليسار التقليدي سيتحوّل إلى معاقل اليمين من دون خجل. أمّا اليسار المتجدّد فسيظلّ موجوداً، وسوف يجمّع نفسه قريباً في حركة واضحة المعالم تسير على طريق واضح".