أوليفر غلوغ: في دخول عالَم ألبير كامو

30 ديسمبر 2022
ألبير كامو بُعيد إعلانه فائزاً بـ"نوبل" للآداب، باريس، تشرين الأول/ أكتوبر 1957 (Getty)
+ الخط -

تقع تجربة ألبير كامو في منطقةٍ قلِقة إذا ما أردنا النظر إليها من باب التصنيفات والأنواع الكتابية. إذ بينما عُرف صاحب "الغريب" برواياته وقصصه ومسرحّياته، فإن كثيراً من النقّاد ينظرون إليه أيضاً بوصفه فيلسوفاً، وهو تعريفٌ سبق لحائز "نوبل للأدب" (1957) أن رفض اقتران اسمه به أكثر من مرّة.

عن "مؤسّسة هنداوي"، صدرت حديثاً نسخة عربية، إلكترونية، من كتاب "ألبير كامو: مقدّمة قصيرة جدّاً"، للباحث الأميركي أوليفر غلوغ، وبترجمة مؤمن محمد رمضان أحمد. وكان الكتاب قد صدر بالإنكليزية عام 2020، في سلسلة "مقدّمة قصيرة جدّاً"، المعروفة، والتي تقوم عليها "منشورات جامعة أكسفورد".

 ينطلق المؤلّف، في تمهيده، من تنوّع الأوجه في تجربة كامو، الذي كان "متناقضاً إلى أقصى حدّ"، بحسبه؛ فهو فيلسوفٌ رغم رفضه ذلك، لكنّه في الوقت نفسه واحد من أكثر الأدباء الفرنسيين مقروئية حول العالَم؛ وهو أيضاً مُراسِلٌ حربيّ وصاحب مواقف ضدّ احتلال النازيين لفرنسا، لكنّه دافع في أكثر من مرّة عن احتلال فرنسا للجزائر.

يخصّص غلوغ فصلين في أوّل الكتاب لوصف وتحليل هذه التناقضات، التي يعود إليها في منتصف الكتاب ("كامو والجزائر")، قبل أن ينتقل إلى تفحُّص "فلسفة العبث" لدى كامو، الذي رفض التفسيرات التقليدية للعالَم، أي التفسيرات الغائية، فلسفيةً كانت أو دينية، وظلّ حتى رحيله متمسّكاً بفهمٍ للحياة بوصفها بلا معنى، بحيث يصبح الوجود تقبُّلاً لهذا اللامعنى العبثيّ ووعياً له. ويأخذ الكتاب على هذا أمثلةً في أعمال: "كاليغولا"، و"الغريب"، و"أسطورة سيزيف".

وبما أن الحديث عن كامو يعني، بشكل غير مباشر، الحديثَ عن مُعاصِره، صديقه ثم "عدوّه" جان بول سارتر، فإن الكتاب يتوقّف بُرهة عند هذه العلاقة، وعند الشقاقات بينهما، والتي بدأت بتبادُلهما لمقالات نقدية حول الكُتب التي كان يصدرها كلٌّ منهما، وهي مقالاتٌ لم تكن تخلو من نقد لاذع، خصوصاً من جانب سارتر نحو "فلسفة" كامو. ويذكّر المؤلّف أن سارتر كان شخصية معروفة ومعترفاً بها حينما صعد نجم كامو، وهو ما دفع الأخير أكثر من مرّة إلى دفع "تهمة" الوجودية عنه، كي لا يُنظَر إليه بوصفه تلميذاً لصاحب "الكينونة والعدم".

المساهمون