أن تفكّر كل المعارف

06 فبراير 2021
تفصيل من لوحة لـ بول كلي
+ الخط -

"العلم لا يفكّر"؛ يقول الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر في إشارة إلى أن القوانين التي وضعها العلم لنفسه، أي تلك التي تجعل منه علماً، هي التي تجعل منه أقرب إلى تراكم منه إلى عملية تفكير عميقة وابتكارية. 

اختار هايدغر بمقولته أن يضرب صنماً من أصنام العصور الحديثة، فقد هزّ أُسس قطاع من المعرفة تسود قناعة بأنه الأنشط فكرياً، ومن هنا يضرب القداسةَ التي أحاط بها العلم نفسه منذ عصر التنوير الأوروبي. 

ما فعله الفيلسوف الألماني مع العلم، حين اعتبر بأنه لا يفكّر، لم يفعله مع مجالات أخرى من الثقافة تبدو مقصيّة تماماً من حديقة الفكر، فمثلاً لم يقل هايدغر البتة إن الشعر لا يفكّر، وكيف له أن يقول ذلك وهو الذي أسند الكثير من مشروعه الفكري على محاورة الشعراء؛ هولدرلين وباول تسيلان ورونيه شار أساساً. 

وقياساً على الشعر، يمكن أن نجد الكثير من الفكر في ما لا نعتقد بأنه فضاء خصب له. لنا أن نقول ذلك على المسرح ونحن نستحضر بريشت، وعن الرواية حين نتذكّر دوستويفسكي، وعن الفن التشكيلي إذا ما قرأنا كتابات بول كلي. هكذا نفهم أن كل هذه المجالات منتجة للفكر ولو جرى إنكار ذلك عليها. 

أتت مقولة هايدغر من تخصّصه؛ أي الفلسفة، وهي كما العلم ترتبط بقناعة بأنها فضاء نشيط للتفكير. لكن هل الفلسفة تفكّر دائماً؟ 

المساهمون