"أزمنة مُلتبسة" للميا جريج.. علامة اسمُها الأرشيف

28 نوفمبر 2022
(من المعرض)
+ الخط -

 الرجوع بتاريخ لبنان إلى ما قبل مئة عام من الآن، والبحث في وثائق وأراشيف تشكُّل الخريطة الوطنية للبلاد، في لحظة نهاية الحكم العثماني ودخول الجيوش الاستعمارية الغربية، ومن ثمّ التأمّل بالوضع الاجتماعي (حلول المجاعة)، وكذلك البيئي (غزو الجراد). هذه ليست مقدّمات لكتاب في التاريخ، بل إطارٌ عام لمعرض فنّي.

"أزمنة مُلتبسة" عنوان معرض توقّعه الفنانة اللبنانية لميا جريج (1972)، في "غاليري مرفأ" ببيروت، افتُتح في الثامن من هذا الشهر، وتتواصل فعالياتُه حتى 23 كانون الثاني/ يناير 2023، في محاولة من جريج لتثبيت التاريخ لا كخلفية موضوعية للتجهيزات التي تشتغل عليها، بل كأداة قراءة واعية وحسّاسة للفنّ، رغم ما يُوصف به عادةً هذا الحقل (التاريخ) من أنّه جافّ.

عواملُ تَشابُهٍ كثيرة تجمع بين المرحلتين اللبنانيّتين؛ المرحلة الراهنة المُعاشة بما فيها من ضغوط وتحوّلات اقتصادية وسياسية، ولا ننسى جائحة كورونا وما خلّفته، ومرحلة موضوع المعرض وما شملته من حروب، وأبرزها الحرب العالمية الأُولى، إلى جانب الحصار البحري والأوبئة.

الصورة
لميا جريج - القسم الثقافي
(من المعرض)

يمكن اعتبار المعرض امتداداً أوسع لاشتغالات جريج، حيث ركّزت سابقاً على فترة الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، وقد يكون هذا بدهياً عند قوس واسع من الفنّانين اللبنانيين، إلّا أنّ ما قدّمته لم يكن ليتعلّق بالفرد، بقدر ما كان انشغالاً بالوثيقة والتاريخ. بهذا تصبح أعمالها عن فترة الحرب البنانية بمثابة تأسيس أوّل لـ"الأزمنة المُلتبسة"، وانتقال من حروب وأزمات مُباشَرة وعيانية، إلى أُخرى أبعد وأعقد.

بالمقابل، يعدُّ "أزمنة ملتبسة" معادلاً فنّياً لتيّار واسع بات يشمل حقولاً مختلفة من حيث الانفتاح على الأرشيف (العثماني هنا)، ولا يتعامل مع الوثيقة بطريقة تكتفي بـ"إحصاء معلومات" فقط. وفي هذا شيء من السيميولوجيا التي تُذكّرنا دوماً أننا نعيش في محيط من "العلامات"، والتي تنتظرُ منا أن نفكّكها.

يُقال الكثير عن الخرائط والمصوّرات، والخطوط التي رسمت في الرمال منذ "سايكس - بيكو" و"وعد بلفور" حدود بُلدان، ونزعت أرضاً من أصحابها، واختلقت لوكلاء الاستعمار سيادات مزعومة. كلّ ما سبق تترجمه لغة التجهيزات متعدّدة الوسائط البصرية، بقوامها المتكوّن من ورق وقصاصات صحف كانت تصدر مطالع القرن العشرين، ومن صور فوتوغرافية نادرة.

موقف
التحديثات الحية
المساهمون