"أخطبوط" لكريم قاسم.. وثائقي عن مكان بيروتي مُحطَّم

15 اغسطس 2023
مشهد من وثائقي "أخطبوط"
+ الخط -

استعاراتٌ كثيرة تصلح للاستخدام في توصيف الواقع اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/ أغسطس 2020. وتمثيلاتٌ فنية عديدة راحت تتناول الموضوع، طيلة السنوات الماضية، بين التشكيل والكتابة والأداء المسرحي والسينما، تُعبّر في إطارها العام عن حجم المأساة المستمرّة.

ومن بين هذه الأعمال، يحضر شريطٌ وثائقي بعنوان "أخطبوط" (64 دقيقة)، وقّعه المُخرج كريم قاسم قبل عامَين، وتُتيحه منصة "أفلامنا" هذه الأيام، عبر موقعها الإلكتروني، في محاولة تُعيد التذكير بالضحايا، وللوقوف فنيّاً عند قضيتهم وقضية الناجين أيضاً.

أمام العَدسة فراغٌ ثقيل، ووجوهٌ يلفّها الصمت المُعبّر، فالإحجامُ عن الكلام - هُنا - يأتي من باب الترفُّع على شرح الواقع، لكنه وليدٌ أصيل عن هذا الأخير. الصمت جزءٌ من تكوين ثقيل أيضاً، أو ربّما هو صاحب الكتلة الأكبر من هول الفراغ، ووحشة مكان بيروتي مُحطَّم، هل يبحث المُخرج عمّن يملأ هذا الحيّز، وبِمَن يستعين؟

الناس... قد تكفي هذه الكلمة كإجابة عن السؤال المذكور، وإن كانوا في تحرّكهم ضمن المكان وأُطُره، لا يقلّون تحطُّماً من الداخل والخارج، وهنا تبدأ محاولة قاسم، بالتقاط التقاطُعات البصرية والنفسية في آن واحد، وإنْ ظلّ الصمت سيّدَ الموقف، ولا شيء يخترقه سوى همهمة عجولة، تُفصح عن حضورٍ ما، قبل أن تخفُت سريعاً.

هناك، إلى جانب ما سبق، غلالةٌ من غُبار تُخيِّم على المشهد، ربما هذه من تأويلات القسوة والعنف الأخطبوطي أيضاً، تقتحمها العدسة، تسعى إلى شقّها، لكنّها تضغط وتضغط على الأجساد كما الأرواح، تمدّ أذرعها اللا متناهية في أزمة بيروت، وتتَجذّر تحت بلاطات الأرصفة.

المساهمون