استمع إلى الملخص
- **تنوع جغرافي وثقافي في الصور**: تتنوع الصور بين لبنان، الأردن، مصر، والمغرب، مع التركيز على الطابع المحلي والعادات الشعبية، رغم تحديات السفر بجواز السفر اللبناني.
- **مسيرة طوني حدّاد المهنية**: ترك وظيفته ليتفرغ للتصوير، عمل كمدرب للغوص والتصوير تحت الماء، وأسس مجموعة "طفل الشارع" في مدغشقر، وله أكثر من سبعة معارض دولية.
مياه وحياة يومية وعوالم جغرافية مُتعدّدة بين بلدان عربية وسواحل أفريقيا الشرقية، هذا ما تسوح فيه وتستكشفه كاميرا المصوّر الفوتوغرافي اللبناني طوني حدّاد، في معرضه "أبعاد" الذي افتُتح في الثامن عشر من تموز/ يوليو الجاري في "دار المصوِّر" بـ بيروت، ويتواصل حتى مطلع الشهر المُقبل، في محاولة لنقل التفاصيل العادية والتقليدية وإن بدت أحياناً لا تخلو من غرائبية.
يحضر الماء بوصفه عنصراً مُشتركاً في أغلب صُور المعرض الاثنتين والعشرين، بدءاً من قوارب الصيّادين وأبنائهم وشباكهم وسائر أدوات صيدهم المغمورة بمياه المحيط الهندي، على سواحل مدغشقر وموزمبيق ومناطق أُخرى، ويصنع إطاراً لونياً يُراوح بين دُكنة الأعماق، وتوهّج الشواطئ الرملية. وفي هذه المجموعة من الصور، التي يُمكن وصفها بالأفريقية، يلتقط حدّاد "أبعاداً" سحرية مستمدّة من التراث الشعبي للقبائل المستوطنة في هذه المناطق، وفيها تظهر غِلالات من الضباب والدُّخَان تلفّ المناظر الطبيعية كما يبدو الجسد الإنساني مُنحلّاً في بقيّة العناصر كالأشجار والصخور والحيوانات والسماوات المفتوحة التي تُحرّر النور بمقدار معيّن في أرجاء المشهد.
أمّا في المجموعة التي تنطلق من أجواء محلّية لبنانية وعربية، فلا تحتكم صورة حدّاد إلى الكثير من الشروط، حيث ننتقل من شواطئ شمالي لبنان إلى التلال المُحيطة بعمّان ومدينة البتراء الأثرية، مروراً بمصر ووصولاً إلى الريف المغربي، وصحيحٌ أن الماء يختفي أو يتراجع حضوره في هذه المجموعة لكنّ التركيز على الطابع المحلّي والعادات الشعبية والوجوه الأليفة يبقى قائماً، ويحلّ محلّ العنصر الأساسي للأعمال التي يتضمّنها المعرض.
تتنوع جغرافيات الصور بين مدغشقر وموزمبيق والمغرب وغيرها
وفي حديثه إلى "العربي الجديد" بيّن حدّاد أنّ "الصور قد التُقطت على مراحل خلال الاثني عشر عاماً الماضية، ورغم أنّ التعدّد الجغرافي واضح فيها ظلّت أيضاً محكومة بمعاملات جواز السفر اللبناني، الذي لا يُتيح لحامله خيارات أوسع من الزيارات إلى بلدان أُخرى كنت أودّ الاشتغال عليها، مع اّني أعتبر نفسي رحّالة ولا أحبّ التعامل مع الحدود بين الدول والشعوب، فهي بنظري مجرّد خطوط حمراء هناك من قام بترسيمها للحدّ من تواصلنا الإنساني".
ترك حدّاد وظيفته في إحدى الشركات قبل سنوات، وقرّر أن يتفرّغ للتصوير، "حيث يوجد الناس والطبيعة على المصوّر أن يكون"، يقول متابعاً حديثه إلى "العربي الجديد": "ليس عندي أيّة مقدّمات بصفتي مصوّر شارع، كلّ ما أفعله أني أمشي بين الناس أو أقتني درّاجة وأتنقّل بين الطرقات والمناطق والوجوه التي تستهويني"، ويلفت إلى أنّ "مصوّر الشارع تقوم فكرته على الاحتكاك بحيوات الآخرين وربّما هذا قد لا يكون مقبولاً في أغلب المجتمعات، لكن مع الخبرة والوقت يصبح لدينا بعض التقنيات التي تسهّل علينا عملنا بطريقة إيجابية وتبني علاقة مع الناس حتى لا تخسر لقطتك".
الجدير بالذكر أنّ طوني حدّاد مصوّر لبناني متخصّص بالتصوير تحت الماء، عمل مُدرّباً للغوص والتصوير تحت الماء في مصر حيث أنجز سلسلة "تحت السطح" عام 2012، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى الإقامة في جزيرة مدغشقر، حيث أسّس عام 2016 مجموعة "طفل الشارع" المكوّنة من عدّة مصوّرين يُركّزون على المشكلات والأزمات الاجتماعية، كما قدّم إثر جائحة كورونا اشتغالات فوتوغرافية ترصد مفهوم التباعُد الاجتماعي، له أكثر من سبعة معارض دولية، بالإضافة إلى تنظيمه العديد من المبادرات التدريبية حول التصوير الوثائقي.