يواصل الفنان المصري منير إسكندر ما عُرف به منذ تخرّجه من كلية الفنون الجميلة عام 1952، إذ ما يزال الريف المصري بمشاهِده الطبيعية، وأنماط معيشة أهله، يشغل لوحاتِه الانطباعية والتأثيرية من حيث أسلوبها، وهو ما يؤكّد عليه مرّة جديدة معرضه الحالي، "مليء بالذكريات"، الذي يحتضنه "غاليري بيكاسو إيست" بالقاهرة، حتى 11 حزيران/ يونيو المقبل.
تتجاورُ مشاهد مألوفة في الحياة اليومية الريفية في أعمال الفنان المصري (مواليد 1926)، بين ساقية ماء هنا، ومجموعة من النساء العاملات هناك، إلى جانب عربة تنقل صناديق محمّلة بالخضار والفاكهة. هذه الأجواء التي قد تتبادر للذهن مباشرة عندما يُذكَر الريف المصري، لا يبدو أنها استنفدت طاقتها الجاذبة في لوحة إسكندر، المتأثّر بروّاد الانطباعية وما بعدها كمدرسة في الفن التشكيلي.
ولا يظهر هذا التأثُّر على مستوى التقنية وبناء اللوحة، بل أيضاً في الخيارات اللونية وبناء التكوين، خاصّة في بعض الأعمال التي قدّمت بورتريهات لشخصيات ريفية.
في المقابل، يتزامن معرض إسكندر مع معرض موازٍ للتشكيليّة لينا أسامة، التي تبدو مسكونة بهاجس الزمن، حيث تظهر في لوحاتها شخوص تاريخيّة، ومواقع أثرية، وعناصر من حضارات مصر القديمة، ويبدو تأثُّرها واضحاً بتعدُّد دراساتها الأكاديمية.
خرّيجة الفنون التشكيلية درست كذلك علوم الآثار والسينما، وهو ما يمكن ملاحظة أثره بشكل واضح في أعمالها، التي تحمل إلى جانب الملامح التاريخية، ملامح تلتبس على الناظر إليها، حتّى يكاد يقول إنّه شاهدها في أحد أفلام السينما المصرية سابقاً.
كذلك تنفتح أسامة في مجموع أعمالها المُقدَّمة في معرضها، على تقنيات عمل متنوّعة، فتستعين بخامات مختلفة من الألوان والموادّ الأخرى على سطح اللوحة، في تكثيف منها لتقنيات عمل الكولاج والطباعة، ما يُضفي تنوعاً على لوحاتٍ تصوّر مراحل زمنية مختلفة من البيئة الاجتماعية في مصر.