شكّلت بدايات الإسلام واحداً من أبرز الموضوعات التي توقّف عندها المختصّون في الدراسات الإسلامية، شرقاً وغرباً، ولا سيّما بين المستشرقين، من باحثين في الفقه والتاريخ والتقاليد وغيرها، والذين عالج بعضُهم الموضوع ضمن رغبة عِلمية حيادية، في حين تناوله آخرون انطلاقاً من أحكام مسبقة.
لكنْ رغم كثافة المنشورات في هذا المجال، إلّا أن أغلبها يدخل في مجال التخمين والفرضيات، في ظلّ غياب المصادر التي يمكن الاستناد إليها لتوثيق البحث وفتح الآفاق أمامه. أمرٌ ينطبق بشكل خاصّ على التفاسير، التي نعرف اليوم القليل عن بداياتها في صدر الإسلام، وهو ما دعا مركز "أكاديميا الإسلام في العلوم والمجتمع" في "جامعة غوته" بفرانكفورت الألمانية إلى تأسيس مشروع "التفسير المتّصل والمفتوح" عام 2018، والذي يختتم مهمّته هذا العام.
وبهذه المناسبة يأتي "مؤتمر التفسير" الذي ينظّمه المركز في "كلّية بحوث العلوم الإنسانية" في ضاحية باد هامبورغ قرب فرانكفورت، على مدى ثلاثة أيام، بين 18 و20 من تمّوز/ يوليو الجاري، بمشاركة واسعة لباحثين غربيين وعرب.
يتمحور المؤتمر حول عنوان عريض هو "إعادة بناء ديناميات ظهور الإسلام: الإمكانيات والحدود"، ويتوزّع برنامجه على 19 جلسة ستشهد قراءات لأبحاث مختلفة في تاريخ التفسير والإسلام والفقه، كما يتزامن المؤتمر مع إطلاق مشروع "التفسير المتّصل والمفتوح" للمرحلة الأولى من قاعدة بيانات حول بدايات التفسير، وهي واحدة من الأهداف التي سعى لتحقيقها خلال السنوات الأربع الماضية.
يشتمل اليوم الأوّل على جلسات افتتاحية وأخرى تعريفية بمشروع قاعدة البيانات، إضافة إلى جلسة بعنوان "إعادة بناء السياق القرآني: تفكير هيرمينوطيقي" يشارك فيها كلّ من فيليكس كورنر، وإبراهيم موسى، ونعمت سكر، ورترو فيلانت.
ويتضمّن اليومان التاليان بقية الجلسات (وعددها 17)، حيث تقوم كلّ منها على محاضرتين أو أكثر، تُلقى بلغات عدّة، مثل الإنكليزية والألمانية والعربية والتركية، إلى جانب الترجمة.
ومن المداخلات التي يشهدها اليوم الثاني تلك التي يقدّمها سامح حمدي حول "الكرَم بين الجاهلية والإسلام" (الثامنة والنصف صباحاً)، و"إعادة التفكير بالتواتُر بوصفه جزءاً من منهجية المصادر الخاصة بدراسات الإسلام المبكّر" (العاشرة صباحاً) لخيري كيرابشوغلو، إضافة إلى محاضرات بالعربية، مثل "المجلّات القرآنية في العالم العربي: عرض نقديّ مقارَن" للحسن الصياغي (التاسعة والنصف صباحاً).
ومن محاضرات اليوم الثالث والأخير: "دور الشافعي في عملية مركزةِ القانون الإسلامي" لعثمان طاشتان (الثامنة والنصف صباحاً)، و"التدوين المبكّر لعلم التفسير، من النشأة إلى عصر الطبري" لعبد الرحمن حللي (التوقيت نفسه)، و"التفسير والسياق التاريخي: السيرة وأسباب النزول والازدواجيات الحديثة" لـ جوانا بينك (الثانية والنصف بعد الزوال)، إضافة إلى جلسة، تُقام عند الخامسة عصراً، بعنوان "إعادة بناء الفكر الإسلاميّ المبكّر"، يشارك فيها كلّ من عزيز العظمة، ومحمد غرايبة، وأرمينا أوميريكيا، وجمال مالك، وراينهارت شولتزه.