على الرغم من كونه لم ينشر مؤلفات، فإن أفكار المحلّل النفسي الفرنسي جاك لاكان (1901 -1981) وجدت طريقها إلى مجالات عديدة، بعضها بعيد عن مجال تخصّصه. لعلّ أحد أسرار هذا الانتشار هو حضور لاكان ليس كمفكّر فحسب، بل في الحياة العامة لمجتمع الثقافة، وضمنه كانت له علاقات وطيدة مع المشتغلين بالفلسفة.
في 1991، بمناسبة مرور عقد على رحيله، نظّم "المعهد الدولي للفلسفة" (الذي كان يرأسه جاك دريدا وقتها) ندوة حول علاقة مدوّنة لاكان بالفلسفة وبالفلاسفة، وكان الخلاصة التي وصلت لها العديد من الأوارق المقدّمة أن لاكان كانت له نزعة فلسفية مثله في ذلك مثل مؤسّس التحليل النفسي سيغموند فرويد.
لكن أهميّة هذه الندوة تتمثّل في أن عدداً من المشاركين كانوا من أبرز مفكّري زمنهم، وربما لم يجتمعوا في كتاب إلا وهم يتدارسون مدوّنة لاكان، وبالتالي باتت الندوة عبارة عن شهادة موسّعة حول فكر المحلل النفسي الفرنسي من زاوية فلسفية حديثة.
جرى جمع أوراق هذه الندوة في كتاب بعنوان "لاكان والفلاسفة" صدر مؤخرا عن منشورات "واست باري"، ويقوم هذا العنوان على اللعب على معنيين، حيث إن "الفلاسفة" (والمقصود كل المشتغلين بدراسة الفلسفة) هم من قدّموا قراءات حول لاكان، إضافة إلى أن هذه القراءات كانت تتناول أيضاً العلاقة الفكرية بين لاكان وفلاسفة مثل أفلاطون أو برغسون.
تحضر في هذا الكتاب نصوص لمجموعة من ألمع المفكرين الفرنسيين، مثل: جاك دريدا، وآلان باديو، وإيتان باليبار، وفرانسوا بودري، وكلود كونتي، وجاك لوك نانسي، وجاك كلود ميلنر، كما حضرت في الندوة المحللة النفسية إليزابيت رودنسكو والتي وضعت بعد سنوات سيرة لاكان.