"في حاضر الأزمان كلِّها": مراسلات بين شاعرَين

27 يوليو 2022
برنار نويل عام 1994 (Getty)
+ الخط -

برحيل برنار نويل ربيعَ العام الماضي (1930 ــ 2021)، خسرتْ فرنسا واحداً من أبرز شعرائها الذين تركوا بصمةً خاصّة في الكتابة الفرنسية المعاصِرة، حيث ساهم في إخراج القصيدة من مجافاتها للسياسة، ومن انعزالها بعيداً عن الفنون وحقول الكتابة الأُخرى، وهو الذي نشر أكثر من كتاب يجمع بين الشعر والتشكيل، أو الشعر والصورة الفوتوغرافية.

خلال مسيرته، كان نويل شاهداً على صدور العديد من الكتب التي جُمعت فيها رسائل تبادلها مع شعراء وكتّاب وفنّانين عاصرهم، ومن ذلك مراسلاته مع جورج بيروس، وسيسيل رنس، وفريد دو، وغيرهم؛ في حين شهد العام الماضي إصدار الشاعرة لورين روسليه لمراسلاتٍ لها مع نويل تحدّثا فيها عن الشاعر والكاتب المسرحي الفرنسي أنطونان أرتو.

إلى قائمة المراسلات هذه، انضمّ حديثاً كتاب "في حاضر الأزمان كلِّها"، الصادر عن "منشورات أون"، والذي يحتوي الرسائل التي تبادلها نويل مع الشاعر الفرنسي جان لوي جيوفانيني (1950)، بين عامَيْ 1991 و2020، أي حتى قبل رحيله بعام، وهو ما يسمح بالوقوف على مشاغل صاحب "البيت القديم" في القسم الأخير من تجربته.

الصورة
نويل

يضمّ العمل ثمانين رسالةً تدور بشكل أساسي حول مشاغل أدبية وفكرية، مع حضور نادر للبُعد الشخصي، حيث يتبادل الشاعران الآراء حول الكتابة وعلاقتها بالجسد، والعالَم، كما ينقاشان الذاكرة، والزمان، ومعنى الحاضر، وخصوصية النظرة وغيرها من المواضيع.

تُتيح الرسائل الوقوف على فلسفة كلّ منهما فيها، كأن يكتب نويل لصديقه عن العلاقة بين الزمان والكتابة: "لا وجود للزمان في الكتابة"، و"الكتابة هي عبارة عن ممارسةٍ للحاضر"، أو أن يُشير جيوفانيني إلى أن "نظرة الآخَر إليّ هي التي تجلبني إلى هذا العالَم، وهي التي تبقيني فيه".

كما تشمل الرسائل اهتمامات الشاعرين السياسية، حيث تبادلا العديد من المكاتيب خلال الفترة التي شهدت فيها فرنسا مظاهرات "السُترات الصفر"، حيث يُدافعان عن حقّ الناس في المطالبة بحياة أفضل، وفي التظاهر.

من إحد رسائل نويل إلى جيوفانيني، نقرأ: "ما الذي يحدث للحياة؟ ستكون إجابتي أنها تفتقد، أحياناً، إلى حدّ بعيد، تلك القدرة على القبول بالمحو والشطب. الحياة، في العُمق، أمرٌ غير قابل للإصلاح (...)، أمّا الكتابة، فعلى العكس، تُطالبنا بالشطب والمحو؛ إنها تستخلص منهما شكلها وكثافتها".

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون