"في جو من الندم الفكري": كيليطو انطلاقاً من باشلار

02 نوفمبر 2020
عبد الفتاح كيليطو
+ الخط -

العام الماضي أصدر الناقد والمفكر المغربي عبد الفتاح كيليطو، كتاباً بعنوان " من نبحث عنه بعيداً يقطن قربنا" (توبقال)، وكان قد اقتبس هذا العنوان من عبارة لكافكا، واقتباس عنوان من عبارة لكاتب آخر أمر يشبه كيليطو ويتوافق مع رؤيته لنفسه كقارئ، ولا يمكن له أن يرى نفسه كاتباً خارج فعل القراءة نفسه. 

صدر لكيليطو منذ أيام كتاب جديد بعنوان"في جوٍّ من النَّدَم الفكريِّ" (المتوسط)، ويذكر الكاتب أنه يقتبس عنوانه من مقولة للمفكر الفرنسي غاستون باشلار يذكر فيها "إذا ما تحررنا من ماضي الأخطاء، فإنَّنا نلقي الحقيقة في جوٍّ من النَّدم الفكري. والواقع أنَّنا نعرف ضدَّ معرفة سابقة، وبالقضاء على معارف سيِّئة البناء، وتخطِّي ما يعرقل، في الفكر ذاته، عملية التفكير".

يقول كيليطو (1945) في مقدمة كتابه إن "خصوصية الكتابة مرتبطة بنوعية القراءة. ماذا قرأت؟ وبادئ ذي بدء، ما هو أول كتاب قرأته؟ في كل مناسبة أقدِّم عنوانًا مختلفًا حسب مزاج اللحظة، ومنعرجات الذاكرة، وحسب الشخص الذي يسألني ولغته والأدب الذي ينتمي إليه، فأقترح، بل أخترع كتابا أول، أُبدع مرة أولى". 

غلاف الكتاب

 

يتابع صاحب "لن تتكلم لغتي" قائلاً: "ها نحن أمام مسألة البدايات. هل هناك أصلا مرة أولى؟ في أغلب الأحيان لا تكون مؤكدة ومضمونة، سواء أتعلق الأمر بالقراءة أو بأمور أخرى. ما إن نعتقد الإمساك بها حتى نكتشف، وربما في الحين أو فيما بعد، أنها مسبوقة بأخرى. المرة الأولى في النهاية هي المرة بعد الأولى، وفي أحسن الأحوال المرة الثانية". 

ويضيف " حين كنا تلاميذًا كان معلمُّونا ينصحوننا، بخصوص تمرين الإنشاء، أن نراجع ما كتبنا بهدف استدراك ما قد يكون فيه من أخطاء لغوية، قبل أن نسلمه لهم للتصحيح. كنا نعتبر الخطأ شيئًا عرضيًا، مردُّه إلى الإهمال ويكفي قدر من التركيز لتلافيه. مراجعة سريعة وتنتهي مهمَّتنا، هكذا كنا نرى الأمر. أما اليوم فإنني أعيد النظر في ما كتبت عشرات المرات، ولا أتوقف إلا وفي ذهني أنني إن أعدت القراءة سأكتشف هفوات جديدة". 

ويكمل "خلافًا لما كنت أعتقد في صغري، اتضح لي أن الخطأ ليس شيئا يحدث أو لا يحدث. إنه على العكس المكون الأساس للكتابة، معدنها وطبعها. أن تكتب معناه أن تخطئ. تساءل رولان بارت عن السكرتيرة المثالية التي لا ترتكب أخطاء حين تقوم برقن نص من النصوص، وأجاب: ليس لها لا وعي". 

يعد كيليطو أحد أبرز النقاد العرب الذين أعادوا التفكير في الكتب الأدبية التراثية، وقدم صورة جديدة للدراسات الأدبية. من أبرز مؤلفاته: "جدل اللغات"، الماضي حاضرًا"، "جذور السَّرد"، "حمَّالو الحكاية"، و"مرايا"، وترجمت مؤلفاته إلى عدة لغات، كما عمل محاضراً زائراً في عدة جامعات أوروبية وأمريكية من بينها جامعة بوردو، والسوربون الجديدة، الكوليج دو في فرانس، جامعة برينستون، جامعة هارفارد.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون