منذ انطلاقها عام 1964، تحوّلت دورية "مغرب ومشرق" إلى أحد أبرز مراجع العلوم الإنسانية المختصّة، في فرنسا، بأحوال العالَم العربي. طيلة عقود، نشرت المجلّة أبحاثاً ودراساتٍ محكّمة في حقول مثل علم الاجتماع، والجغرافيا، والاقتصاد، والتاريخ، والعمارة والدراسات الحضرية، والعلوم السياسية وغيرها.
وقد تناوب على مجلسها العِلمي عددٌ من أبرز المختصّين بقضايا العالَم العربي، حيث يشمل مجلسها الحالي أسماءً مثل المؤرّخ والأستاذ في "كولّج دو فرانس" هنري لورانس، والباحثين في العلوم السياسية والمسائل الإسلامية أوليفييه روا وفرنسوا بورغا، والباحث في الأنثروبولوجيا بيار نويل دونيول، على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم طبيعة دراساتها الأكاديمية في الأغلب، إلّا أن الدورية، التي تصدر بشكلٍ فصليّ، حظيت خلال عقود بشريحة من القرّاء تتجاوز العالَم الأكاديمي، حيث رفدت أعدادُها وملفّاتها ودراساتها النقاشات العامة في فرنسا بالعديد من المراجع حول العالَمين العربي والإسلامي.
صدور المجلة عن ناشر بارز قد يضمن لها وصولاً إلى شريحة قرّاء أوسع
وربما كانت هذه المكانة التي تحظى بها "مغرب ومشرق" سبباً أساسياً وراء التفكير في تطويرها، بغيةَ تحسين صياغتها التحريرية والإخراجية، وربما توسيع نطاق مقروئيّتها؛ تفكيرٌ أثمر، قبل أيّام، العدد الأوّل من مجلّة "عوالم عربية"، التي تمثّل "إعادة هيكلة" وصياغة لـ"مغرب ومشرق"، بحسب مقدّمة العدد.
من أبرز التغيّرات في الحلّة الجديدة من المجلّة، تحوُّل ناشرها من دار "إسكا" إلى دار بارزة، ولا سيّما في العلوم الإنسانية، هي "منشورات لاديكوفرت" في باريس، وهو ما قد يضمن للدورية وصولاً إلى شريحة أوسع من القرّاء المهتمّين بحقول البحث الاجتماعي. كما أن العدد الأوّل من المجلّة يوحي ببُعد جمالي في شكلها يبقى أكثر معاصرةً من الإخراج الفنّي البسيط الذي حافظت عليه "مغرب ومشرق" لعقود.
يتمحور العدد الأوّل من "عوالم عربية" حول معنى وكيفية دراسة الراهن السياسي من وجهة نظر العلوم الاجتماعية، وفيه نقرأ أبحاثاً مثل "ما زلتَ تبحث: سورية بوصفها موضوعاً للدراسة (من الثمانينيات حتى العقد الأول من الألفية الجديدة)" لكلّ من الباحث المختصّ بتاريخ النظام السياسي في سورية والعراق ماتيو راي، والباحثة بعلم الاجتماع السياسي، ومحرّرة المجلّة مانون نور طنّوس، أو "مآلات الأوضاع الثورية: إعادة تفكير في الثورات وتغييرات أنظمة الحكم، انطلاقاً من حالتَيْ تونس ومصر (2010-2014)" للباحثين في العلوم السياسية شيماء حسَبو وشكري حميد.
كما يضمّ العدد، خارج ملفّه هذا، حواراً مع الباحث المختصّ بالتاريخ والسياسة التونسيين ميشيل كامو، حول الثيمات البحثية التي يعمل عليها والمناهج التي يتّبعها، إلى جانب مراجعات لعددٍ من الكتب، مثل العمل الجماعي "ألفباء المدينة في المغرب والشرق الأوسط" الصادر في 2020 عن "منشورات جامعة فرنسوا رابليه" في مدينة تور الفرنسية، أو "أن تصبح ثورياً في الإسكندرية. مساهمة في سوسيولوجيا تاريخية لولادة الثورة في مصر" ليوسف الغزالي ("منشورات دالوز" في باريس، 2020).