بعد بضع سنوات من دخول الفرنسيّين الجزائر، وتحديداً في السادس عشر من أيار/ مايو 1843، أطلقَت إدارة الاحتلال الفرنسي اسمَ "أورليانفيل" (مدينة أورليان) على مدينة الأصنام التاريخية الواقعة على بُعد 208 كيلومترات غرب الجزائر العاصمة. وبعد الاستقلال، استعادَت المدينة اسمَها الأصلي بموجب مرسوم صدر في 28 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1963، قبل أنْ تحملَ اسمها الحالي، الشْلَف (نسبةً إلى وادي الشلف الذي يمرّ بالمنطقة) ابتداءً من السابع من آذار/ مارس 1981.
يرتبط التخلّي عن اسم "الأصنام"، في الذاكرة الشعبية، بالزلزال العنيف الذي ضرب المدينة في العاشر من تشرين الأوّل/ أكتوبر 1980، وكان واحداً ضمن سلسلة زلازل تعرّضَت لها في القرن العشرين، أوّلُها عام 1922، وثانيها عام 1934، وثالثُها عام 1954؛ وقد بلغت قوّته 6,5 درجات على سلّم ريختر، وأدّى إلى مقتل 1234 شخصاً وإصابة أعداد كبيرة من الجرحى، معظمُهم من المستوطنين الأوروبيّين، فضلاً عن تدمير عشرين ألف مبنى.
غير أنّ زلزال 1980 كان الأشدّ؛ إذ بلغَت قوّتُه 7,3 درجات على سلّم ريختر. وتكفي، للاستدلال على ذلك، الإشارة إلى أنّه دمّر قرابة ثمانين في المئة من المدينة، وخلّف صدْعاً بلغ طولُه أكثرَ من ستّة وثلاثين كيلومتراً. أمّا الضحايا، فقد بلغ عددُهم قرابة 3000 قتيل، وأكثرَ من عشرة آلاف جريح.
دمّر الزلزال قرابة 80% من مدينة الأصنام وأودى بحياة 3000 شخص
هذه الكارثة الطبيعية يستعيدُها كتابٌ جماعي صدر باللغة الفرنسية عن "دار صُحف الشلف" قبل أيام، بالتزامُن مع الذكرى الثانية والأربعين للكارثة الطبيعية. حمل العملُ عنوان "زنزلة: شهاداتٌ على زلزال 10 أكتوبر 1980"، وقد أعدّه وحرّره أحد عشر كاتباً وصحافيّاً. وعبارةُ "زنزلة" في التعبير العامّي في اللهجة الجزائرية هي المُقابل لكلمة "زلزال" أو "زلزلة" في العربية الفصيحة.\
من خلال شهاداتٍ لعدد من الكتّاب والصحافيّين والمواطنين المحلّيين الذين عاشوا الكارثة؛ من بينهم: جيلالي بن شيخ، والعيد كلوش، ومحمدي بوزينة، وعيسى شنّوف، يُوثّق الكتاب للزلزال الذي استمرَّت هزّاتُه الارتدادية لعدّة أشهر، وتسبَّب، أيضاً، في فقْد قرابة 348 شخصٍاً وتشريد مئات الآلاف في مدينة الأصنام والمناطق المجاورة لها. كما يضمّ الكتاب مجموعةً من الصور الأرشيفية التي تُظهر حجم الدمار الذي لحق بالمدينة، وتوثّق لعمليات الإنقاذ.
لعب توقيت الزلزال دوراً في سقوط ذلك العدد الكبير من الضحايا؛ إذ وقع في تمام الواحدة وخمس وعشرين دقيقةً بعد ظُهر يوم الجمعة، وهو وقتٌ يكون فيه معظَم السكّان داخل منازلهم. يستعيد الكتابُ تلك اللحظة العصيبة وما تلاها، مضيئاً على حجم الخسائر البشرية والمادية، وعلى عمليات الإنقاذ، وحملات التضامُن الشعبية لانتشال القتلى والمصابين من تحت الأنقاض والتكفُّل بهم.
يُذكَر أن الزلزال أثار تضامُناً دولياً واسعاً. ومن الصور التي ارتبطت به، في هذا السياق، زيارةُ ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية (1926 – 2022) إلى الجزائر، والتي استغرقت عدّة أيام، زارت خلالها "مستشفى مصطفى باشا" في الجزائر العاصمة للتضامُن مع الجرحى وعائلاتهم.