عند مرتفع جبلي، وعلى مقربة من بلدة بيت الدين في لبنان، يرتفع القصر الذي يحمل ذات الاسم، ويعود بناؤه إلى حقبة تاريخية شهدت نهضة سياسية في أواخر القرن السابع عشر. لاحقاً، تحوّل القصر إلى محطّة سنوية مرتقبة مع إعلانه مكاناً لـ"مهرجانات بيت الدين الدولية" عام 1984، حيث احتضن العمالقةَ الذين غنّوا على مسرحه؛ مثل فيروز ووديع الصافي وآخرين.
ورغمَ الصعوبات الاقتصادية التي ظلّت تنحسر تارة لترجعَ أقوى وأعمّ بما فيها من انعكاسات سلبية، استمرّ المهرجان بالانتظام حتّى عام 2019 الذي أُعلنَ في صيفه أنّ تلك الدورة ستُسدل الستار نهائياً على تاريخ التظاهرة، فبدا ذلك القرار للكثيرين بأنّه استشراف لما سيقع في البلد من أزمات مالية وسياسية وصحّية أيضاً.
اليوم وبعد عامين من التوقّف، أعلن منظّمو المهرجان مؤخّراً عن عودة فعالياته الفنّية. صحيح أنّها عودة مشوبة بالكثير من الحذَر وتقتصر المشاركة فيها على كلّ ما هو لبناني فقط، وليست دولية بالمعنى الواسع الذي كانت عليه، بيد أنّها مجّانيّة بالكامل، في خطوة تشجيعية يبدو أن أغلب المناشط الثقافية في لبنان باتت تتّبعها مُراعاة للظروف الاقتصادية.
أُولى الحفلات التي سيحتضنها قصر بيت الدين ستكون أمسية موسيقية في الثالث عشر من الشهر المُقبل بعنوان "إنّه المكان الذي يدخل فيه الضوء" لفرقة Les Cordes Résonnantes اللبنانية المتخصّصة في موسيقى الباروك، وغيرها من الأنواع الكلاسيكية.
في حين سيكون جمهور الموسيقى الشرقية والعربية على موعد مع المُغنّية دالين جبور وفرقتها مساء الخامس عشر من الشهر المُقبل. ومن الأغاني التي ستقدّمها: "زوروني كلّ سنة مرّة" لسيّد درويش، و"يا جارة الوادي" لنور الهدى، و"الأطلال" لأم كلثوم. وفي اليوم التالي سيُقدّم الموسيقي اللبناني - الأرمني غي مانوكيان حفلاً برفقة الأوركسترا.
الجدير بالذكر أنّه، بالتوازي مع الأنشطة الموسيقية، سيقامُ معرضان تشكيليان أيضاً، هما "Les Oubliés de Beiteddine" و"طبيعي مش طبيعي" بالتنسيق مع "غاليري أجيال" في بيروت، بالإضافة إلى معرض يسبق الافتتاح ويضم عدداً من المنحوتات.