أعمال كثيرة اشتهرت للمفكّر الكاميروني أشيل مبيمبي مثل "نقد العقل الزنجي" و"الخروج من الليل الطويل" و"سياسات الحميمية"، وهي مؤلفات نالت نصيبها من القراءة والمتابعة البحثية، وجعلت منه المفكّر الأفريقي الأبرز منذ عشر سنوت على الأقل.
رغم هذه النجاحات، يبدو أن مبيبمي بات يعتبر أن أهم مؤلف له هو كتابه الأخير، والذي صدر العام الماضي بعنوان "الوحشية" عن منشورات "لا ديكوفارت"، حتى أنه يعرّف نفسه على صفحته الفيسبوكية كـ"مؤلف كتاب الوحشية".
صدرت النسخة العربية من الكتاب مؤخراً بترجمة وتحقيق الباحثة التونسية نادرة السنوسي في طبعة مشتركة بين "دار الروافد الثقافية" و"ابن النديم للنشر والتوزيع" و"الشبكة المغاربية للدراسات الفلسفية والإنسانية". وقد أضيف إليه عنوان فرعي: "فقدان الهوية الإنسانية"، ومن المهم الإشارة إلى سرعة ترجمة هذا العمل، حيث تتأخّر عادة الترجمات الفكرية إلى العربية .
كان قادح تأليف هذا الكتاب مقتل جورج فلويد على أيدي رجال شرطة عنصريين في الولايات المتحدة العام الماضي، دون أن يعني ذلك أن مبحثه العام طارئ على فكر مبيمبي، فإشكاليات مثل العنصرية والتعالي الأبيض حاضرة باستمرار في مجمل أعماله.
يقف مبيمبي عند الهوّة القائمة بين ما كان يأمل الإنسان في تحقيقه مِن حقوق وتكريس لحقّ المواطنة وتجاوُز للتمييز العنصري بفضل التطوّر التكنولوجي، وما يعيشه اليوم من عنصرية وحروب ووحشية وتدمير للبيئة. يصف المؤلّف البشر المعاصرين بـ"ديناصورات القرن الحديث، التي تسير نحو فنائها دون وعي"، وبذلك يتجاوز الكتاب نقد حالة جورج فلويد المخصوصة إلى نقد شامل للنظام العالمي بخياراته المعرفية والسياسية والقيمية.