"المعجم الطوبونيمي الجزائري": توثيق وتصحيح

09 يوليو 2021
(مدخل ولاية إن أميناس في الجنوب الجزائري)
+ الخط -

قبل قرابة شهرين، أثارت "سلطة ضبط السمعي البصري"، وهي هيئة رسمية تُعنى بتنظيم الإعلام التلفزيوني والإذاعي في الجزائر، جدلاً، بسبب إصدارها بياناً دعت فيه وسائل الإعلام إلى احترام التسميات الأصلية لعددٍ من المدن التي جرى تحويلُها إلى ولايات في آذار/ مارس الماضي، ليرتفع عددُ الولايات الجزائرية بذلك إلى ثمانية وخمسين ولاية؛ حيث شددت على ضرورة نطق وكتابة "إن أمنياس"، و"إن صالح"، و"إن قزّام"، بدل "عين آميناس"، و"عين صالح"، و"عين قزّام".

فبينما أبدى البعضُ استغرابهُم ممّا اعتبروه تحريفاً لتسميات تلك المُدن، نبّه آخرون إلى أنَّ الخطوة تهدف إلى إعادة التسميات الصحيحة بعد التحريفات التي أصابتها؛ فعبارة "إن" في الأمازيغية لا تمتُّ بصلةٍ لكلمة "عين" في العربية - والتي بكثرة تحضر أيضاً في أسماء الأماكن - بل تعني معنى آخر هو "ذلك" في العربية، أمّا مؤنّثُها فهو "تِن"، وتعني تلك.

كشف ذلك الجدلُ، الذي احتدم على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس فقط عن عدم إلمام الكثيرين بالتسميات الصحيحة للأماكن في الجزائر، بل عمّا أصاب تلك التسميات من تحريفات حدث بعضُها في سياق الترجمات بين العربية والأمازيغية والفرنسية، بينما يبدو أثر الأيديولوجيا واضحاً في بعضها الآخر؛ إذ كثيراً ما يُعمَد إلى إدخال تحويراتٍ على الأسماء حتى تكتسي صبغة عربية، وهو ما يكشف في النهاية عن ثغرة كبيرة في مجال الطوبونيميا في الجزائر.

يبدو إصدار "المجلس الأعلى للغة العربية" حديثاً، بالتعاوُن مع عددٍ من المؤسّسات البحثية، معجماً باسم "المعجم الطوبونيمي الجزائري" محاولةً لسدّ تلك الثغرة؛ حيثُ يقول القائمون عليه إنّه يعتمد "مراجع عديدة وتقنيات حديثة تتناول بدقّة إحداثيات خرائط الولايات وجداولها وتسمياتها"؛ مشيرين إلى أنّ الكتاب يمثّل حصيلة سنةٍ من العمل الميداني الذي أنجزته فرق بحثٍ تحرّت الدقّة العلمية تحقيقاً وتثبيتاً في الأماكن التي تحمل دلالات مرتبطة بالتفاعُلات بين الإنسان ومحيطه، وباستيفاء التسميات الصحيحة التي ترتبط بالواقع اللغوي وبنمطيات ثقافة المجتمع الجزائري"، بهدف "إعادة تصحيح التسميات التي نالتها بعض التغيرات".

المعجم الطوبونومي الجزائري - القسم الثقافي

يتضمّن المعجم، الذي أشار القائمون عليه إنهم يطمحون لجعله مرجعاً رئيسياً للتسميات الجغرافية في الجزائر، ستّة عشرة ولاية من أصل ثمانية وخمسين، حيث يبدأ بولاية أدرار ويصل إلى ولاية الجزائر العاصمة التي تحمل الرقم 16 في الترتيب الرسمي للولايات. وهو بذلك يُشكّل جزءاً أوّل من مشروع يُنتظَر أن يتضمّن أربعة أجزاء. ويُشير "المجلس الأعلى للغة العربية" إلى أنَّ إنجاز المشروع بلغ سبعين بالمئة، مضيفاً أنّه سيجري إصدار الأجزاء الثلاثة المتبقية في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، بالتزامُن مع "اليوم العالمي للغة العربية".

المساهمون