كيف تكتب المرأة العربية اليوم حياتها وجسدها وحاضرها وتاريخها الفردي والجماعي؟ وإلى أيّ حدّ تنجح في ضبط علاقتها بجسدها أثناء الكتابة، وهل حقّاً يطغى على الكتابات الإبداعية للمرأة الجانبُ العلاجي - التطهيري؟ كانت هذه بعض الأسئلة التي أثارتها ندوةٌ بعنوان "الكتابة وتأنيث العالَم" أُقيمت أوّل أمس الخميس في الرباط، ضمن فعاليات الدورة السابعة والعشرين من "المعرض الدولي للنشر والكتاب" المستمرّة حتى الإثنين المقبل. شاركت في الندوة كلّ من الكاتبة والشاعرة المغربية عائشة البصري، والكاتبة اللبنانية علوية صبح، والباحثة التونسية رجاء بن سلامة.
في مداخلتها، نبّهت عائشة المصري، إلى ما سمّته خطوة الأفكار الجاهزة حول المرأة بشكل عام، والمرأة الكاتبة بشكل خاصّة، وهي أفكارٌ قالت إنّها تُبعد المرأة عن حركية المجتمع في صنع الأفكار وطرح الأسئلة الراهنة، مضيفةً أنّ السؤال الذي ينبغي طرحُه اليوم؛ هو: كيف تنتقل المرأة بكتابتها من الهوية الاجتماعية إلى الهوية النصّية، ومن ردّة الفعل إلى الفعل الخلّاق والمنتج للتاريخ والمعرفة.
مِن جهتها، قالت علوية صبح إنّها تتوخّى، في كتابتها، الابتعاد عن الصُّوَر النمطية حول المرأة، من خلال الحفر عميقاً في بطلات رواياتها، التي قالت إنّها تكتشف ذاتها من خلالهنّ، بهدف إعلاء أصواتهنّ والإضاءة على الموضوعات المسكوت عنها. واعتبرت صبح أنّ "تأنيث الكتابة"، يعني التعبير عن النساء وإعلاء أصواتهنّ داخل النص، مضيفةً أنّها لجأت إلى الكتابة لبناء عالم من الشخصيات التي تنبض بالحياة، وأنّها لا تكتب كردّة فعل ضدّ الرجل أو المجتمع، بل من منطلق الحقّ في التعبير الإنساني.
أمّا رجاء بن سلامة، فقالت، في مداخلتها، إنّ الكثير من تراث النساء لم يجرِ تدوينه، مُشيرةً إلى أنّ أصوات النساء في البلاد العربية كانت تصل من خلال رواية الرجل، قبل أنّ تتولّى المرأة مهمّة التعبير عن نفسها بنفسها بشكل مباشر. بالنسبة إلى الباحثة التونسية، فقد بات صوتُ المرأة مسموعاً، بعد أن كانت أشكال التعبير الثقافي المتاحة لها في السابق محدودة جدّاً، مثل الخرافة الشعبية التي كانت تتيح لهنّ التعبير عن آرائهنّ في مختلف القضايا.