سعى الاحتلال الإسرائيلي ضمن خططه الاستعمارية إلى ضرب الحياة الاقتصادية للفلسطينيين الذين كانوا يعتمدون على الزراعة مورداً أساسياً، من خلال مصادرة الأرض والسيطرة على المياه، وقطع التواصل والاتصال الجغرافي والعمراني والتنموي والريفي الفلسطيني، وتحويل المزارعين إلى عمّال لغاية الاستفادة من انخفاض أجورهم، وتلويث البيئة بالمخلفات الصناعية ودفن النفايات النووية.
"تحرير الفلاحة، الزراعة من أجل التحرير" عنوان الندوة السابعة التي ينظّمها "الملتقى التربوي العربي" في عمّان و"مؤسسة الدراسات الفلسطينية" بالتعاون مع "مؤسسة روزا لوكسمبورغ" عند السادسة من مساء غدٍ الجمعة ضمن سلسلة ندوات افتراضية تعقد حول "التربية الراديكالية في فلسطين: تاريخ وتجارب".
تتناول الجلسة التي تديرها الباحثة والناشطة الثقافية سيرين حليلة، المبادرات الزراعية بأنواعها المختلفة في فلسطين كفعل راديكالي يتعامل مع الفلاحة/ الزراعة في إطار علاقتها العضوية بالتعلّم/ التحرر، ويضيء المتحدّثون الأسباب التاريخية والهيكلية لتدهور الزراعة في فلسطين، سواء بسبب الاحتلال أو تنامي تجارة المنتجات الزراعية والتصنيع الزراعي، وما يعنيه ذلك من اضمحلال للزراعة العضوية وفقدان الكثير من أساليب ممارستها، وترافق ذلك مع فقدان البذور البلدية والاغتراب عن الأرض.
يضيء المتحدّثون الأسباب التاريخية والهيكلية لتدهور الزراعة في فلسطين
يشارك في الندوة كلّ من سعد داغر الذي درس علوم الزراعة في الاتحاد السوفييتي، وأدخل فلسفة الزراعة البيئية إلى فلسطين، حيث بدأ أولى محاولاته للزراعة من دون كيماويات عام 1996، بوصفها وسيلة للتحرر والحرية، والفنانة والباحثة فيفيان صنصور التي تستخدم الصور والرسم والأفلام والتربة والبذور والنباتات لإحياء الحكايات الشعبية القديمة في عروضها الفنية، كدعوة للحفاظ على البذور وحماية التنوع البيولوجي الزراعي كعمل ثقافي/ سياسي، وإلى جانب الناشط الفلسطيني الأميركي محمد أبو جياب، الذي يعمل على نشر فكر الاستدامة المجتمعية والاقتصادية والبيئية المتجذر في المجتمعات الفلاحية، وقد أسّس مزرعة أم سليمان في رام الله، كذلك فإنه يعمل مع مزارعين وناشطين في فلسطين والولايات المتحدة والبرازيل والأردن.
يشير البيان إلى أن التحولات التي شهدتها الزراعة في فلسطين "ليست قضية هيكلية فقط، ولكنها مرتبطة بالتغيرات في التعلم والتعليم حول ثقافة الغذاء وإنتاجه، حيث أدّت إلى اعتماد الفلسطينيين على الزراعة الإسرائيلية، ما يهدد أمنهم الغذائي واستقلالهم، حيث إن ثلاثة أرباع المنتجات الغذائية التي يستهلكها الفلسطينيون مصدرها "إسرائيل".
ولا يتوانى الاحتلال أيضاً، بحسب المنظّمين، عن توجيه المزارعين الفلسطينيين لإنتاج محاصيل معينة - مثل الفراولة في غزة - التي تستهلك الكثير من المياه وتصدرها إسرائيل بأسعار مرتفعة للغاية، حيث تسعى هذه الندوة إلى إعادة الاهتمام بالزراعة وسيلةً للوصول إلى الأمن الغذائي الذي يشكل إحدى الخطوات الأساسية نحو التحرر من الاستعمار، وباعتبارها ركناً مركزياً للتعليم من أجل العدالة الاجتماعية ودعم الحراك الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال.