في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 1912، رفضت "لا نوفيل ريفو فرانسيز" N.R.F، نشر مخطوطة "البحث عن الزمن المفقود" وكان الكاتب مارسيل بروست قد عنونها آنذاك بـ "الزمن المفقود" فقط، وكان قرار الرفض هذا قد صدر عن أندريه جيد أحد مؤسّسي المجلة، وأصبحت هذه الواقعة في تاريخ الأدب الفرنسي مصدراً للحديث عن العداء بين الكاتبيْن.
بعد عام من رفض النشر، سيرسل جيد (1869-1951) رسالة إلى بروست (1871-1922) يكتب فيها "إن رفض هذا الكتاب سيظلّ أكبر خطأ ارتكبته N.R.F، وأكثر ما أندم عليه، ومن أكثر الأخطاء مرارة في حياتي".
كانت هذه الرسالة بمثابة بوابة جديدة بين الكاتبين، وبداية لحوار سوف يستمر بينهما حتى رحيل بروست، وإن كانت حوارتهما معقدة وتتسم أحيانًا بخلافات عميقة، فإن ما يجمعهما هو حبهما للأدب والصداقة الخاصة التي شعر بها كلّ منهما نحو الآخر، بينما كانت رؤيتهما للأدب عكس ذلك.
قصة هذا التبادل، العاطفي في بعض الأحيان، والأدبي والثقافي في بعض الأحيان يعود إليها الباحث الفرنسي بيار ماسون، المتخصّص أساساً في أدب أندريه جيد، في كتاب صدر حديثاً ضمن "منشورات جامعة ليون 2"، تحت عنوان "أندريه جيد ومارسيل بروست: البحث عن الصداقة".
ليست هذه هي المرة الأولى التي يجري ناقد أو مؤرّخ أدبي مقاربة لعلاقة جيد وبروست، فقد كان الناقد فردريك هاريس قد كتب عمله "صديق وعدو" دراسة حول حياة وأعمال المؤلّفين الفرنسيين، حيث يعد الاثنان من أبرز كتّاب فرنسا في الجزء الأول من القرن العشرين.
وضمّن هاريس في كتابه كامل المراسلات بين بروست وجيد، وقدّم قراءة عميقة من خلال النظر إلى العلاقة بين الكاتبين، وعلاقة بروست بكتاب آخرين، وجيد بنقاد وشعراء وكتاب أحاطوه بسبب مجلة NRF في نفس الوقت، حيث تمحور الكتاب حول القضايا الرئيسية في حياة كلّ منهما: قضية دريفوس، والحرب العالمية الأولى، والحياة العاطفية، والفن والأدب.
يُذكر أن بيار ماسون، هو أستاذ الأدب في "جامعة نانت"، ورئيس جمعية أصدقاء أندريه جيد، وبالإضافة إلى دراسات مختلفة نشرها، قام بتحرير المجلّدات الأربعة الأخيرة من أعمال جيد في سلسلة "بلياد"، ونشّر مراسلاته في عشرة من الكتب.