"العالم ليس مستطيلاً": رحلة أخرى مع زها حديد

13 اغسطس 2017
(من الكتاب)
+ الخط -

تتوالى تكريمات المعمارية العراقية الراحلة زها حديد (1950 - 2016) في الغرب، وآخرها إصدار جديد حول مسيرتها صدر في الولايات المتحدة بعنوان "العالم ليس مستطيلاً" أنجزته الكاتبة والرسّامة الأميركية جانيت ونتر عن منشورات "سيمون أند شوستر".

تتوجّه وينتر بالأساس إلى جمهور من الناشئة، حيث تسرد مسيرة حديد في شكل قصة مبسّطة ترتكز على الصورة وبعض التعليقات التي تُظهر أفكار المصمّمة المعمارية العراقية أو تعطي خلفيات على الأحداث التي عاشتها. كما من خلال هذا السرد على أبرز التصميمات المعمارية التي وضعتها، ومرجعياتها البصرية، المستلهمة من الثقافتين العربية والغربية، أو من خلال تجارب خاصة لـ حديد في علاقتها بالمجتمعات أو الطبيعة أو التكنولوجيا، وخصوصاً بالمعرفة (الرياضية بشكل أساسي)، حيث يجري إبراز استمتاعها بالأشكال الهندسية المدوّرة. 

في المقدّمة التي وضعها الناشر تُختصر سيرة حديد في فقرة، تربط بين طفولتها في بغداد وما وصلت إليه بعد ذلك في بريطانيا. هنا نلاحظ ربطاً، لا يمكن أن يكون بريئاً، بين النقطتين، إذ جاء في هذه المقدّمة "نشأت زها حديد في بغداد، وكان تحلم أن تصمّم مباني في بلدها. بعد أن درست الهندسة المعمارية في لندن فتحت هناك مكتبها الخاص، وبدأت في تصميم المباني. ولكنها كامرأة مسلمة وجدت الكثير من العراقيل".

يبدو تعريف حديد كـ "امرأة مسلمة" مقحماً، أوّلاً لأن كلّ المصممين المعماريين قد يجدون نفس الصعوبات التي اعترضت حديد بغض النظر عن كونها امرأة مسلمة، كما أن الأمر يوحي بأنه لولا الإطار البريطاني لما كان ممكناً لها بلوغ ما وصلته.

مثل هذه الإسقاطات وتمريرها في كتابات شعبية ومبسّطة ليس جديداً في عالم النشر الأميركي، والغربي عموماً، فمثل هذه الصورة المموّهة نعثر عليها في الأدب وفي السينما. لكن ذلك يشير من جانب آخر إلى غياب نظرة مضادّة، فالتصدّي لسيرة زها حديد يظلّ أولى به كتّاب عرب، سيما العراقيين منهم، يكتبون بالإنكليزية، وقد تتوفّر لهم من المعلومات والخلفيات ما لم يتوفّر لـ وينتر باعتبار ثنائية الثقافة التي كانت تتمتع بها حديد ويصعب على أحاديّي الثقافة استيعابها بالشكل المأمول. لكن هذا الغياب يسري أيضاً على الكتابات باللغة العربية عن المصمّمة العراقية، بل حتى التكريمات والاستعادات لا تزال غائبة.

المساهمون