"الذات في الفكر العربي الإسلامي": محنة العقل والحرية

02 أكتوبر 2017
(من عمل للفنان المغربي نور الدين ضيف الله)
+ الخط -
يواصل المفكر المغربي محمد المصباحي البحث في علاقة الفلسفة العربية الإسلامية بالعلوم العقلية (الرياضيات، الطبيعيات، المنطقيات، الإلهيات...)، وارتباطها بعلوم الدين (علم الكلام، علم أصول الفقه، علم الفقه، علم التصوف...)، ومنها كتابه "الذات في الفكر العربي الإسلامي" الصادر مؤخّراً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".

يبحث صاحب كتاب "تحوّلات في تاريخ الوجود والعقل"(1995) في صور الذات الفلسفية والصوفية، والفردية والتاريخية، والأنطولوجية والعمرانية؛ وفي جملة مفاهيم وقضايا متصلة بمفهوم الذات، كالعقل والحق والعدل والدين والوجود والماهية.

في الفصل الأول، "سؤال الذات"، يقول المؤلّف إن الذات العربية تعيش محنةً مركبةً: "عقلها مقيد، وحريتها مطوقة، وجسدها ممتهن، وولاؤها موزع بكيفية تراجيدية بين قطبي التراث والمعاصرة"، ويخلص في الفصل الثاني "تقابل الرؤيتين الفلسفية والصوفية للذات - ابن باجة"، إلى أن نقد الفيلسوف الأندلسي ابن باجة طريقَ المتصوفة كان موجَّهاً نحو غايتين: أولى تتعلق بانعكاس التصوف على العلوم والصناعات والتدابير الخُلقية والسياسية؛ أي انعكاس العرفان الصوفي على المدينة، وثانية تتعلّق بمستوى الأثر الذي تحدثه الإدراكات في الواصل بين التجربتين الصوفية والفلسفية.

يطرح المصباحي في الفصل الثالث "المواطنة الفلسفية للمتوحدين - ابن باجة" أسئلة مثل: هل يحتاج الفرد إلى الدولة (العامة) من أجل تحقيق غايته وسعادته الخاصة؟ هل يحقّق المتوحد سعادته بوصفه جزءاً من الدولة، أي مواطناً كامل المواطنة بما تقتضيه من القيام بالواجبات نحو المدينة، أم تكمن سعادته في الاغتراب عنها والإعراض عن المجتمع بكل ما يوجبه من مسؤولياتٍ مدنيةٍ وخُلقية؟ وفي الفصل الرابع، "من اللاذات إلى ما بعد الذات - ابن طفيل"، يستشفّ المصباحي أنّ غاية ابن طفيل من "حي بن يقظان" أن يطيح التعريفين الفلسفيين الشهيرين للإنسان بأنه حيوان ناطق وأنه مدني بالطبع.

ويرى صاحب "الوجه الآخر لحداثة ابن رشد" (1998) في الفصل الخامس "التصوف باعتباره تجربةً للتحول من الأنا إلى اللاأنا"، أنّ التصوف يَعُدّ معرفةَ الأنا للطريقَ نحو معرفة الحق، ويناقش في الفصل السادس تحولات الذات العمرانية عند ابن خلدون"، بينما يذهب الفصل السابع إلى معاينة العقل والوجود لدى صاحب "المقدّمة"، ليعود في الفصل الثامن إلى إشكالية موضوع علم العمران عنده.

يجتهد المصباحي في الفصل التاسع "معاني الحق لدى الغزالي"، لفهم موقف الفيلسوف المتصوّف من الحق فهماً منصفاً، ثم يعاين في الفصل العاشر العدالة بين التدبير العقلي للذات الفردية والتدبير المنصف للذات الجماعية عند الغزالي.

في الفصل الحادي عشر، "العقل (اللغوي) مرآة لتحولات الذات"، يعرض المؤلّف أهم دلالات مادة "عقل" الفعلية والاسمية، وفي الفصل التالي "الذات الإيمانية: ملامح فلسفة الدين عند ابن رشد"، يقول المؤلف إن الفلسفة في زمن ابن رشد عاشت تحت أكناف الدين ولم تنفصل عنه.

يعنون صاحب "العقل الإسلامي بين قرطبة وأصفهان" (2006) الفصل الثالث عشر بـ"الدلالة والشبهة والبرهان عند المكلاتي"، والفصل الذي يليه بـ"التمثيل والتبيين بين واجب إخفاء الحق الشرعي عن الجمهور وواجب الكشف عنه للفلاسفة لدى ابن ميمون"، ليناقش عرضية الوجود والواحد عند صاحب "دلالة الحائرين" في الفصل الخامس عشر.

وفي الفصل الأخير، "مظاهر حضور الأندلس الفلسفي في الثقافة العربية المعاصرة"، يرى المصباحي أن ما يميز النموذج الفلسفي الأندلسي هو انفتاحه على البرهانية والفقهية والتاريخية والعرفانية.

المساهمون