عندما أراد الخروف أن يتفرج على السيرك

11 يناير 2018
+ الخط -
أحب خروفٌ أبيضُ اللون أجعدُ الصوف أن يتفرج على السيرك.. كان يقطع شارعاً مزدحماً، فوجد جمهرة من الغنم تتدافع أمام باب الخيمة الكروية الغامضة التي طالما سمع بأن ألعاباً خطيرة للغاية تقام في داخلها، حيث تقف في دائرة العرض ذئاب مضحكة تحمل سياطاً مصنوعة من عصب الثيران، وتوعز لحيوانات كاسرة مروضة بإجراء حركات مخنثة، من مثل تقليد نومة العجوز وعجن الصبية، الهدف منها جعل جمهور الغنم المتفرج يفرط من الضحك، إضافة إلى جوائز وهدايا تدور حولها دواليب الحظ لتكون من نصيب الجمهور.

تدافع الخروف الأبيض مع المتدافعين، حتى وصل إلى كوة بيع التذاكر، فحصل على بطاقة مختومة ومرقومة، حملها بيده واقترب من الباب الداخلي الرئيسي لخيمة السيرك، فانحنى له ثعلبان وسيمان يرتديان ثياباً رسمية، ومدا له أيديهما ودعواه إلى الدخول، فدخل.

وما إن لامست قائمتُه الأمامية أرضَ الخيمة حتى عاجله ذئب أسمر البشرة، زرا قميصه العلويان مفتوحان، وكماه مدرجان على زنديه، برفسة قذفته إلى وسط الحلبة، فانخبط بالأرض ونط، فتناوله ذئب آخر يعتمر قبعة لها شكل قمع مقلوب إلى الأسفل، من أذنه، لوح به في الهواء تلويحتين، وقذفه باتجاه الباب المقابل للباب الذي دخل منه، فوجد هناك ثعلبين وسيمين آخرين، يرتديان ملابس رسمية، انحنيا له باحترام، وأشارا له بالخروج، فخرج.

مشى مترنحاً، بينما كان صوت يأتيه من مكان غير محدد يقول له:
- إذا تفوهت بحرف أمام أحد فلا تلومن إلا نفسك!

كانت هذه العبارة زائدة عن الحد، فقد كان، بطبيعة الحال، عاجزاً عن تحريك شفتيه، مشى يجرجر خطاه حزيناً، ساخطاً.. ولكن نوبة من الضحك انتابته عندما وصل إلى الباب الرئيسي للخيمة الكروية الغامضة، ووجد المزيد من بني جنسه الغنم يتدافعون للوصول إلى كوة بيع التذاكر!
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...